
قراءة اولية في نص مفتوح----
(شغف لاينطق عن الهوى)للأديبة القديرة
سهاد عمري-------
أياد النصيري
00000000000000000000000
من المعروف ان الاديبة سهاد تكتب الخاطرة الادبية باتقان وامتياز وتعرف كل ادوات الخاطرة الادبية--لديها ادواتها التي تمكنها من الخوض في كتابة نص طويل ومفتوح
- المفردات اللغوية أو المعجم اللغوي في هذا النص تتميّز بالمفردة الواضحة والبعيدة عن المفردة الصعبة والموحشة0وكذلك
العربية ( وسهاد عمري )صنوان لا يفترقان ،فعشقها للغة الضاد متأصل فيها تتنفس إبداعها وجمالها .
ان النص المفتوح هو فضاء وشكله الحر والكليّ.. إنه سينوغرافيا الشعر، أما ماخاضَ فيه الشعر (الموزون والمنثور) فقد كان نتيجة تبعيته لأجناسٍ غير أدبية. إن الشعر يعمل ضد الشكل والقصيدة شكل أما النص المفتوح فلا شكل له .
النص المفتوح – ببساطة - عمل أدبي يستخدم تقنيات السرد للغة شعرية تمتاز بأعلى درجات الكثافة، وهو يختلف عن قصيدة النثر في عدم التزامه بنمط السطر الشعري، وبدلا من ذلك يتخذ شكل لغة السرد المتدفقة, من غير وقفات فيزياوية إجبارية.
على أن هذا الشكل لا يعطي كاتبه الحرية المطلقة في البناء كما قد يُظَن، بل على الضد من ذلك يدخل كاتب النص المفتوح عالما يفرض عليه السير على خطوط الحدود الفاصلة بين الأجناس، لأنه ما إن يحيد عن خط الحدود حتى يكتسب جنسية المنطقة التي حاد إليها ويفقد صفة الانفتاح
.استطاعت الاديبة سهاد عمري عبر التحرر من قيد الوزن والقافية أن تستثمر خيالا في رسم بانوراما جميلة من الحكايات والصور السسيمية التي تجعلك أمام نص ثري في المعنى وقوي في التعبير وابتكار الصور الجديدة في عالم التشبيه والمجاز والاستعارة
كثيرا ما يكون الحس الانساني مكتظا بالرهافة والحرقة والصمت والصراخ والصدى والانطلاق.....
فالانطلاق المعبر بصيغ وافكار يكون عادة صاحبها محملا بالوجع الانساني المسور لذاته ، ومن ثم يشرع وبرغبة شديدة باعلان ذلك الوجع شعرا وتعبيرا ونفسا انسانيا محكما بالشجن والرهافة ، وهنا تصارعت تلك الخلجات منطلقة من اعماق الانسان ذاته..
.
في الدخول الى اجواء النص، نواجه في المستوى التداولي انفراجا نصيا لحمولة نفسية وعاطفية يعلو فيها صوت الحزن لملابسات الواقع المنتج لها . فبناء الصور جاء من عناصر انتجها المكان وما ترشح منه من بعد نفسي، وهي وان بدت متعاضدة الا انها في الوقت نفسه متنافرة مما يعتليها من التجربة الشعورية المنتجة لها--حيث يتكون نص(شغف لاينطق عن الهوى)من (274)كلمة- ----------------
النص يتكون من ستة مقاطع منفصلة ومتصلة في آن واحد، منفصلة حتي أنك إذا اقتطعت أحدها،وجدته مستقلا يفي بغرض ما، ومتصلة ببعضها لأنها جاءت لتعبرعن مضمون واحد. و يصلها ببعضها رابط من أولها الي آخرها.
في هذا النص، كسرت الاديبة سهاد الحالة النثرية العقلانية برموزوتأويلات تتأرجح بين النثرية التقريرية ،والشعرية ، والسردية، و بذبذبات نفسية متوترة ، أحيانا.
ويمكن أن نحدّد النص المفتوح على أنّه هو القابلُ لأنْ يقع الاِبتداءُ بمثل ما يقع الانتهاءُ به؛ فيكون دائريّاً. غير أنّ هذا التحديد مجرّد تقديم فكرة عن المفهوم؛. في حين أنّ آخر النّصّ يُترك مختوماً بفاصلة )،(، أو ثلاثِ نقاط (...)، دون الفَزَعِ إلى إحدى علامات الانتهاء وهي النقطة (.)، أي يترك مفتوحاً على كلّ التّأويلات.
خطوط شهد مباح
لا يتعب
....... بركان ظماء
في عيون الترقب
......بـ
...........صـ
..................د
.......................ر
الصمت......
.....لا تتعب
تش...................ق شفـــــــــــــــــــــــــــــق
الفكر
المثقل بأصناف الذكريات
عــــــــــــــــبـــــــــــــارات
تطفو على مغامرات الطفولة
صفو السطح لا يروي تمتمة الضجر
نضارية القصص مكســـــــ.................ــورة التطبيق
تـــفــــعيل تـــعطــــل المادة قيصري النظرة
من المؤكد أن الانزياحات اللغوية أبرز ما يميز لغة هذا النمط من الكتابة، غير أن التدفق السردي سيفرض نوعا محددا من الانزياح يطبع النص بطابع خاص، ففي الأغلب تبنى جمل النص المفتوح اعتمادا على إضافات مدهشة أو غير متوقعة، ويمكننا ان نلاحظ كيف تبني سهاد عمري فضاء خاصا.0000
كهوف المقدمة لها كفوف تصافح الريح والابتسامة صفرة الروح
نسمــــــــــات الطفولة فقيرة الحــــــــــب في وكر النزوات
فتح افاق
والباب معانـــــــــــــاة .....
كلمااااااااااااااااااااااات مسلوخة الوجه خلف المصافحات
إقتحاااااااااااااااااااااااااااااااااااام
في دورة ..................... دون اقتراح
احتجاب يحجب الرؤية
.......... انقلاب
شجرة الزيتون تثمر أيفون
شجر الزيزفون يتنهد العزلة
ولعل المتن هنا يستمد تدفقه الشعري وعبر بنية الانقطاع من موجهات الإجراء التعريفي ( وان كان شعرياً ) لعناوين الهامش , حتى كأن النص قد قسم الى مقاطع مرتبطة بظهور هامش جديد , وقد وفقت سهاد عمري في إحكام العلاقة بين النصفين والتماهي بينهما مع احتفاظ كل منهما بموجهاته الاسلوبية والبنائية , كما جنحت الى استخدام آلية الحذف والبياض عبر النقاط المتروكة أمام الكلمات والجمل الناقصة بغية إغراء المتلقي بملئها وفق مرجعياته الفكرية والثقافية من خلال تأويله للمفردات والجمل الناقصة.. كما في النص الآتي 000
لسلالـــــــــم......... سلاستها سلاســــــــل....
بــــــــــــــــا حثون ينقبون
عن أثار يرعــــاي........................
ليسلخوا قلب فكري ويلونوا جلد أرضي
أزقة الدفــــــــــــــــــــاتر.....
.............. تسكعات ......مدسووووسة مبثووووثة.............
مدروووسة ( ...!!!؟؟ ) أفخاخ منصوبة جذورها مقصوصة
................. اجنحتها مرفوعة في طرقات العدم تطير000
نصّ « سهاد » نص إشكاليّ، لو حاولنا تجنيسه، فهو يمتح من الشعر ومضته وماءه، وهنا قد قادتنا سهاد في نصها المفتوح لعدة افكار التي تكاثرت في جمال نصها-- حيث انها عرفت ان النص المفتوح نظام شعري مفتوح له بداية وتفاصيل ولاتحدّه نهاية بل يكون تائهاً وقابلاً لنهايات كثيرة. وبذلك يصبح أميبياً وغير محدد. يمتاز بطوله الواضح وتركيب تكوينه.
لايسوده قانون واحدٌ في الأداء ويمكن أن ينقسم إلى عشرات الأنواع حسب آلية العمل ووسائله مثل (نصّ السيرة، نصّ اللعبة، ، نص المخطوطة، نصّ الريبورتاج..الخ)
. يسرحُ النصُّ في تصيِّد المجهول ويتناسل افقياً وعمودياً وتتكاثر فكرته
وهذا مالمسناه في نصها الذي يعطينا اكثر من موضوع وفكرة00
ابوااااااااااااااب شاهدة أن لا شهادة وأبواب الشهادة مفتوحة
أملك الورق ولا أملك المفتاح......
استعد....
لقد اتسعت الأفاق....
الحفرة طويلة ..........والخطوات عمياء.....
ملكت الإناء ولم أحظى بالماء.....
أصاحب حادي الأرواح .....خوفا من الاشباح
في ثقب إبرة تتفاقم الأحلام وسماء الخيال مرفئ
.........أجنحة الهروب ...............
............. لها بعيون الأمل أماني بريئة
شغاف الأمور لها بمنفي الحلم مقل......
....... الحياة تركب شفاه التمني......
طريق الذكريات معبد بالتعب والسور أحضان لها ثرثرة العجز
.....الطفولة.......... مقتطفات في منعرجات اللوعة
صور فوتوغرافية تمشط منبر التميز في أفاق الخبز المفقود
والمنبر غابات مسكونة بسحر رحب الصدور
في مشاهد النص تشتغل (سهاد عمري) على صورة شعرية جميلة، موحية، تستاف دلالاتها من شواهد المكان وألوانه وطبيعته، ليل سهاد الغارق في الذكرى، يستعيد مواقف وأحوالاً وقصصاً تضخ الحياة في عروق الصورة الشعرية، وتجعلها أقرب إلى القلب. وينحو النص في مجمله منحىً صوفياً، ويستفيد من اللفظ الصوفي في إغناء القصيدة بدلالات تتسع لتصبح حكاية الإنسان الوجودية مع الحياة والموت.. كما أنها تتوافر على عناصر درامية000
أخلع جلدك ............
قد أصبح ضياعك مباح......
لا تملك ضياع ضياعك ..... الصك مملوك....
المهاجر أخضر الملامح............
فـــــــارس........ معدن التوفير بعد المداولة / بنات أفكره لا تفي00
لقد استطاع نص ( شغف لاينطق عن الهوى ) للشاعرة سهاد عمري وهنا يحق لي ان اضيف صفة شاعرة -بعد الاديبة لان نصها هذا استطاع- من تحقيق تجريبيته وفق المستويات الاسلوبية والبنائية والدلالية ليس باعتبارها مغامرة او لعباً شكلياً محض وإنما وفق وعي مسبق لقدرة وأهمية تلك المستويات في تجاوز المألوف على الصعيدين الذاتي والموضوعي باتجاه تخليق تجربة نصية تحتفي بخصوصيتها الآنية .
ويأتي العنصر الثاني: البوح. ويستخدم البوح كشفاً تتوصل إليه الشاعرة، ورؤيا تكتنِزهها وحدها في كلمات، تصدرها إلينا بعد أن تعاين الواقع، وتستبصر هشاشته وسوداويته. وفي هذا العنصر توظّف الشاعرة - بمهارة - الصورة البصرية ومفردات العين والرؤية لتشكل بها على أرض الواقع عالماً مشوهاً، تقدمه إلينا بأمانة، من خلال رؤية فنية بالغة الدلالة، وتمضي سهاد عمري في سردها المفتوح،كمن تكلم ذاتها عبر مونولوج طويل، مستعرضتاً مكاشفاتها، وأجوبتها الناقصة، بصمتٍ ناطق ثقيل الوطأة،
قـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف.....
العناوين غير متوفرة والسكن شاغر.....
النجوم لا ترحل إلا لمنفي الضغط......
ســـــــــــاحات القفز تتنصل فقر الوعود ....
مازال بقلب الحجر دود ينسج الحرير في حجر الميلاد
والأنامل تغتسل في سحر الإيمان.....
وكبد الحوت يشبع واقع الشاهية
فرغم الريح والرعد والصواعق...... النخلة شامخة
..........فمن المجرم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
.................اليد القاطعة ......النفس القاتمة........
رفعت ............. المداولة............
النطق ...............بعد المحادثة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختيار واع لكل مفردة في النص، بحيث لا يمكن وضع كلمة مكان أخرى.حيث الاتجاه السردي وهو اتجاه يستخدم لغة وصفية لمقاربة الطبيعة والواقع بحيث ينحو النص ناحية موضوعه لا ناحية كاتبها ..ويتجلى هذا الاتجاه السردي في هذا النص المفتوح ووظفت الشاعرة كلمات ترتبط بالطبيعة
- اعتماد القاموس اللغوي الذي تنتقي مادته من الطبيعة: 0، بركان-كهوف-الريح-شجرة-اثار-سماء-النجوم-الرعد-البرق- الصواعق- غابات- النخلة- الحجر0-حيث جعلها شاهدة على جمالية النص في سردية جميلة .أن ما قلناه لا يعدو أن يكون إشارات أولية تنتظر المزيد من الرصد والترصين.0000
اياد النصيري---قراءة اولية في نص مفتوح
للاديبة التونسية سهاد عمري 2016-1-24
0 التعليقات:
إرسال تعليق