الخميس، 13 يوليو 2017

أيثار عيسى أمير*** الأغتراب والتباس العلاقة في قصة ((الحب الحقيقي--إحتراق



الأغتراب والتباس العلاقة في قصة
((الحب الحقيقي--إحتراق))
للقاصة هند العميد
ايثار عيسى أمير -الاردن--2017
من بين القصص التي جاءت مبشرة بحدوث نقلة جديدة في كتابة القصة حيث تبدو للوهلة الأولى ممتلئة بخبرة القاصةفي القراءة وبتجاربهاواسفارها في الحياة وفي الأمكنة والوجوه وبموهبتها اللافتة وحسها الفني
الوصف
ناس ينتظرون قدوم باص--- مقاعد لاتكفي-- شباب-- امرأة عجوز لديها خبرة في الحياة تقارن الحب في زمنها والحب مع هذا الزمن-- رجل خمسيني وهو عراقي--يحب امرأة عربية تعيش في دولة آخرى --تفصلهما المسافات--حوار يدور بين الرجل العاشق وتلك العجوز-- يختلفوا عن نقطة المقارنة-- الحب تضحية -العراق في حالة صراعات وحروب-- التضحية يجب ان تكون -المرأة العربية ان تاتي الى بلد الحبيب-- الحب الحقيقي هو احتراق بكل معاني الحب والتضحية والعيش بسلام--الرجل الخمسيني يحلم بالسفر والعيش مع محبوته في بلادها
القراءة
القصة محملة بقدر كبير من المتعة في الحكي والجمالية في الشكل مما قوى تفاؤلنا لحظتها حيث إختارت القاصة ((هند العميد))منذ البداية الأحتفاء بعالم الحب والجمال والذكريات والسفر مقابل عالم يعج بالفقد والأغتراب والمنفى والأحتراق والضياع ويتم تركيب ذلك عبر استثمار فضاءات متداخلة فيما بينها حضاريا ونفسيا في محاولة من الكاتبة ومن الشخصية الرئيسية (الرجل الخمسيني) إعادة صياغة سؤال العلاقة المتلبسة بين الأنا والآخر في صورتها الحالية والنفسية --وقد تناول الناقد أياد النصيري ذلك في قراءته النقدية حول القصة حيث تلعب المرأة العجوز دورا كبيرا في تفجير الحكي والذكريات ودورا مؤثرا في توجيه الحكي وتنويع ثيماته الصغيرة وفي تشبيكها وتلغيزها ايضا امام قيام رغبة جامحة لدى الرجل العراقي في التحرر والأنعتاق
اللافت للنظر في هذا النص هو كثافة الأسئلة. فقد اشتغل عليها منتج الخطاب اشتغالا دقيقا محكما، غايته استمالة الفكر الباحث في الخفايا..
لا لتقديم الإجابة الممكنة والمريحة؛ بل لمشاركته هذه الحيرة وهذا التيه
فنصغي إلى بعضها
- هل قلتَ: أُسافر؟!
عقدتْ حاجبيها مُستفهمةً:
- وفي أي أرضٍ غُرِسَتْ وردتك؟
أجابها بابتسامة عريضة:
- في (احدى الدول العربية).
ثم استأنف قائلاً:
- أرضُ العراق محرقةٌ - كما تعلمين - وحبيبتي تخاف العيش فيها لذا سأحلِّقُ بجناحَي العشقِ إليها.
قالت وهي مُندهشة من تخطي قطار عمره محطات الحكمة من دون أنْ ينال منها نصيباً:
- أوليس الحبُ والعشقُ تضحيةً؟!
إنّه السّرد المخصوص المجاري للحركة النفسية للشّخصيّة الرئيسية هذه الشخصية التي تسكنها الحيرة المبعثرة في متاهة التّشظّي بين الواقع والحقيقة، المتعثّرة في دجى الكشف العلميّ.. مجاراة السّرد لتلك الحركة النفسية تجعله يعانق العتمة والغموض حتّى الأسطر الأخيرة ثمّ تنفتح فيه بوابات الضياء بانفتاح نفسية الشخصية على الجدائل الأولى للاستقرار النفسي إذ يظفر بقرار رفض الحقيقة العلميّة والتمسك بالواقع الكائن وجودا سائدا فيه تمضي خطاه دون سواه
لحظة الخروج:
أن هذا النص (الحب الحقيقي--إحتراق) نص هائل يقوم على قص خلاب يراوغنا ينبه الروح ويحرك الفكر. يحكي واقعا صميما، ينطلق من بيئته فيعيد تشكيلها بأسلوب متطور وقدرة فائقة على المزج بين الأنماط والتفاصيل والجزئيات داخل برنامج سردي مدروس.

0 التعليقات:

إرسال تعليق