استحالة= من المحال/ غير الممكن.
ممكنة= واردة/ يمكن أن تحدث رغم استحالتها.
ربما= قد("احتمال" إمكانية حدوثها رغم استحالته).
نص قائم على الاحتمالات باستخدام (ربما = قد) تكررت 19 مرة في النص، وهو ليس بنص طويل ليتحمل هذا التكرار، لكنه في بنية المعنى التركيبيه مبني على "الاحتمالات"، منذ العتبة وحتى النهاية، التي جاءت( أعني النهاية) قوية بما حملته من دلالات (سأشرحها لاحقا)؛ مما أكسب النص رصانة و ثقلا.
سأرقم ال "ربما" من ( رقم ١) وهي "ربما" الواردة في عنوان النص، وحتى ربما( ١٩) وهي المرة الأخيرة التي وردت فيها "ربما"، وذلك كيلا أضطر إلى كتابة كل مقطع.
-ربما (٢+٣):
كما أوضحت أعلاه: النص قائم على احتمال حدوث المحال.
ربما= قد
قد يصحو الضمير: أي أن صحوه محتمل بالرغم من استحالته.
(ربما نقتسم العالم): استخدام الشاعر لمفردة "العالم" جعله يسمو بهمه الإنساني؛ ليشمل هموم العالم أجمع؛ سيما أنه يشير بقوله( نقتسم) إلى "احتمال" تشاركية رؤى البشر ليعيدوا صياغة هذا العالم،لكن متى؟ ( ذات صباح / أي مستقبل غير محدد) وهو احتمال.
-ربما (٣+٤):
"ربما" السلبية في معناها هنا: أي أن نلبس "اضطرارا" جلدا غير جلدنا..و نهرب.
أيحدث هذا ؟.... ربما !
- ربما(٥):
استخدم الشاعر مفردة "النافذة"، في غير ما يتناسب اجتماعها مع "الحزن"؛ فالنافذة = الأمل
لم يقل: موعدنا (عند) النافذة لتحديد مكان انعقاد الاجتماع، حيث اعتادوا أن يجتمعوا مع الحزن( يعاود الحزن اجتماعه بنا)
وإنما قال ( موعدنا النافذة)؛ فالنافذة هي الموعد هنا، وهذا الاستخدام جميل من قبل الشاعر، لما ل"النافذة" من دلالة حين تكون هي الموعد( الخلاص).. والموعد ليلا ( هذه الليلة)..ربما.
-ربما(٦):
العتبة= المدخل، وحين تفتح السجون (عند) العتبات؛ فهذا يعني أن هذه العتبات ستصبح سجونا لساكنيها، والسلطويون هم السجانون؛ فالأصفاد كانت و( لا زالت) في جيوبهم.
-ربما(٧):
نعم؛ حين يتواطأ ويتآمر من كانوا "منا"، مع من هم (علينا)؛ حتما سينال الشقاء منا بسهولة ويسر.
-ربما(٨):
رؤية سوداوية للغد: حين ننتظر مفاتيح أبواب حريتنا بأيدي آخرين؛ فحتما لن تفتح تلك المفاتيح، لأن أبواب الحرية نحطمها بأيدينا نحن، حتى وإن كسرت أصابعنا.
- ربما (٩):
حين توصد النوافذ، و يصبح لا مجال للعشق، سيدفع الحب" العاشق" إلى القتال من أجل الحب، لكنه ليس مضطرا إلى ذلك، إلا إذا أوصدت النوافذ ( أي أغلقت قسرا) فالفعل "توصد" هنا مبني للمجهول.
-ربما( ١٠):
العصافير هي الأماني، وحين نخجل من أمانينا ونستسلم، سنغلق نوافذ الأماني (الأشجار)؛ كيلا تطير إلى النور.
- يمكن إيجاز "ربما" من(١١ إلى ١٨) بما يلي:
في واقعنا الظلامي، حيث يتلاقح الظلم والقمع والفساد، لن يتوالد فيه إلا المخاوف..الكل مذبوح، والمقصود ب(عن وجهك المطعون أو عن طعنتي) هو الحقيقة المطعونة( الوجه= الحقيقة).
- ربما(١٩):
الأسلوب المتمكن ل (ربما ١٩) هو الذي رفع قيمة النص، بدلا من أن يهوي في ثغرة التكرار ل (الربمات ال ١٩)، فقد صقلت كل ما سبقها من ربمات برصانة لافتة :
(ربما عنا جميعا..
أطرح الأسئلة السوداء ملغوما...
على كل المسامع)
لفتني استخدام الشاعر لكلمة (ملغوما)، وهو ما كنت أنتظره منذ بداية النص المسلم نفسه للاحتمالات، ليفاجئنا بالنهوض(ملغوما) :
كان بإمكان الشاعر أن يقول (أطرح الأسئلة السوداء ملغومة) بمعنى أنه لا يجرؤ على الجهر بها مما اضطره إلى (تشفيرها)، لكنه قال: أطرح الأسئلة السوداء ((ملغوما)): حين يعلن الشاعر نفسه ملغوما؛ فهذا يعني أنه سينفجر؛ فاللغم حتما سينفجر؛ فتلغى كل الاحتمالات، وتصبح الحرية حقيقة مؤكدة.الوعي هنا جمعي بقول الشاعر: (عنا جميعا).
تحياتي
==================
ربَّما ..
يرتَعشُ الضَّميرُ أخيراً
ربَّما نقْتسمُ العالمَ
شكلاً ورؤىً ..
ذاتَ صباحٍ
ربَّما ..
تَضطرُنا الأجواءُ ..
أنْ نلبسَ جلداً غيرَ جلدِنا ..
متنكرينَ نهرَبُ
ربَّما ..
نتركُ آثاراً ..أمامَ مخفرِ الشرطةِ
ربَّما ..
يُعاودُ الحزنُ أجتماعَهُ بنا هذهِ الليلةِ ..
موعدُنا النافذةُ
ربَّما ..
تُفتَحُ سجونٌ عندَ العتباتِ..
لازالتْ الجيوبُ تحتفِظُ بالقيودِ
ربَّما ..
يحتلُنا البؤسُ دونَ معركةٍ ..
قد تشتبكُ الأيديَ متواطئةً ..
دونَ فائدةٍ
ربَّما ..
ننتظرُ مفاتيحَ ..
لم تفهمْ الابوابُ سريتَها
ربَّما ..
نافذةُ العُشاقِ تُوصَدُ ..
فيهرعُ حبي للقتالِ
ربَّما ..
عصافيرُنا تخجلُ من أجنحتِها يوماً..
لتغلقَ الأشجارُ أغصانَها
ربَّما ..
في الغرفِ السوداءِ يتزاوجُ الشقاءُ ..
لتلدَ وجوهُنا المخاوفَ المزمنةَ
ربَّما ..
نحتملُ الصوتَ المنهمرَ ..
في التاريخِ المائلِ ..
كتبتها أموالٌ حمراءُ
ربَّما ..
في طرقٍ مبهمةٍ..
نخرقُ الافَ القوانينِ..بحلمٍ زائلٍ
ربَّما ..
عن حالةٍ ضائعةٍ تُحدثُنا طويلاً..
في أمكنةٍ صاخبةٍ
ربَّما ..
نحضنُ ثديَ الإستراحةِ ..
نغفو بعينٍ واحدةٍ
ربَّما ..
تُخجِلُنا الأشواكُ ..لكن ..
نعرفُ الجرحَ الذي يأوي الى أعماقِنا ..
ننحازُ جرحاً للضَّحايا
ربَّما ..
عن وجهكِ المطعونِ ..
أو عن طعنتي أكتبُ حرفي ..
ربَّما عنا جميعاً..
أطرحُ الأسئلةَ السوداءَ ملغوماً ..
على كلِّ المسامعِ .
====================
مهدي سهم الربيعي /العراق/
0 التعليقات:
إرسال تعليق