الخميس، 26 أبريل 2018

باسم عبد الكريم الفضلي****قراءة نأويلية لنص ( بكاء الروح ) للشاعرة المغربية زكية محمد




قراءة نأويلية لنص ( بكاء الروح ) للشاعرة المغربية زكية محمد
النص 
*****
كل ما مضى
لم يكن شيئا
يوم ولدت بحجاب"1"
لم أبك
يوم سلب الخوف
بذرة هويتي
ونفيت بجب الصمت
لم ابك
يوم رحل عني حبيبي
وذقت مرارة اليتم
أبدا لم أبك
يوم سجنت نفسي
وسيجتها بحدود شائكة
لم ابك
يوم اقترنت بجلادي
ايضا لم أبك
ما عرفت يوما الانكسار
كنت اخلد لروحي وأغني
يوما ما سأحلق بعيدا
عن هذا العالم البارد
حيث للروح انتماء
مع كل أغنية دفء
نبت لي ريش
ومع كل سطوة غدر
عانقت الشمس
بجناحين من نور
اخترقت السكون
وحلمت بالخلاص
اليوم فقط
بكت روحي
وعرفت انني
سأحلق غريبة
وحيدة
بلاوطن /بلا انتماء
سأبكي اليوم كثيرا
فلا تسألوني عن لون البلاء.
1_الكيس السلوي
القراءة
*****
النص مسرح صراع غير معلن بين ضدَين :
الاول ـ آخروي قامع / ظالم ، واضح الحضور في سطح النص باشاراته ادناه مع مقارباتها الدلالية :
* حجاب / قيد قسري خارجي : اعراف الاخر الجمعي : تغييب جسدي
*الخوف ( سالب للهوية / مولِّد للنفي ) / تغريب الاخر السلطوي : تغييب مكاني
المكافئ الموضوعي الواقعي : سلطة ظالمة
*رحيل الحبيب بلا رجوع بدلالة مرارة اليتم (موت مسبب للغربة الذاتية ) / تغريب سلطوي نفسي ( قتل الحب كونه فيمة انسانية مقابلة للانسانية الظلم السلطوي )
*سجن النفس ( انسحاب الذات ونكوصها داخلياً ) / نفي وجودي سلطوي ( السلطة طاردة لوجود ضديدها )
* الاقتران بالجلاد ( الخضوع للسلطة ظاهرياً ، الاقتران يكون جسدياً ) / قهر سلطوي
الثاني ـ الذات الرافضة ، بصمت ، ومتوارية / غير واضحة الظهور واشاراتها مغ المقاربات الدلالية :
* لم ابك المؤكدة بالتكرار : اشارة لتحمل ومقاومة الالم / رد فعل منقوص ( تحمل الاذى دون الرد على مسببه )
* ما عرفتُ الانكسار : المعرفة هنا داخلية غير واقعية خارجية ، بدلالة / الاقتران بالجلاد / ورفض الاعتراف بالانكسار الواقعي هو من الحيل الدفاعية النفسية لتحقيق الاتزان الداخلي بتوهم المغاير لمثير القلق والتوتر الخارجي
* اغني : مواساة الذات بدلالة / اخلد لروحي : اعتراض تظاهري ايهامي للذات بالهائها بمثير مضاد لضجيج فزعها وهلعها
* الاشارات ( سأحلق بعيدا ، نبت لي ريش ، عانقت الشمس ،جناحين من نور خترقت السكون ) : هروب الى ماوراء الواقع القهري باحلام اليقظة بحثاً عن ملاذ مقابل بدلالة ( وحلمت بالخلاص )
القراءة التأويلية لمقاربات الضدين :
قمع سلطوي فهري مغيِّب للذات / رفض دفاعي صامت ( سلبي الفعل ) = عدم تكافؤ صراعي مجسوم لصالح السلطة
فلم يعد هناك من مبرر للمقاومة وان كانت صامتة بغد ان تواطأ الآخران ( العرف الجمعي ) والقهر السلطوي على مصادرة القيمة الانسانية للمرأة ونفيها عن ذاتها وافراغ وجودها من كل معنى ...فتقرر التوقف عن المكابرة والمجاهرة بالبكاء :
( اليوم فقط
بكت روحي )
بكت حين علمت ان صراعها مع الآخر محسوم النتيجة ..فما عاد امامها سوى خيار مر هو الرحيل من هذا العالم الفاقد انسانيته ، البارد المشاعر ، :
( عن هذا العالم البارد )
مقاربة الرحيل المعنوية :
اتخاذ موقف فعلي لا تصوّري كما مر بنا في اعلاه ، مكافؤه الدلالي :
الموقف الفعلي = ارادة حرة
الشاعرة رغم اجادتها في عرض ماتعانيه المرأة من تغييب لانسانيتها ، وسلبها معناها الوجودي ، في اوطان العرب ، بقهريتها السلطوية .
هنا ساقوم باستدعاء ما سكت عنه النص / ذكورية المجتمع ،
رغم هذه الاجادة , الا انها جاءت بضربتها الفنية في خاتمة النص :
( وعرفت انني
سأحلق غريبة
وحيدة
بلاوطن / بلا انتماء
سأبكي اليوم كثيرا
فلا تسألوني عن لون البلاء.)
ضربة مكثفة الدلالة ، حملت ثلاث رسائل :
الاولى ـ إطلاقها صرخة احتجاج بوجه امة تصادر معناها الوجودي ، فهي في عرفهم ( محض تابع لسيدها الذكر ) ، صرخة اختزلت فيها مشاعر غربتها في وطنها وكأنها بلا انتماء ، وحيدة في عزلتها الانسانية ...
الثانية ـ انها ان كانت اسيرة في حياتها ترسف يقيود الآخر القاهر ، فهي حرة الارادة في اعماقها ، امتلكت قرارها بكسر تلك القيود بالرحيل عنهم كموقف رافض لسطوة ذكوريتهم ، فهم لم يمتلكوا وعيها / اتخاذ المواقف يعني امتلاك وعي
الثالثة ـ انها لم تحزن من فراقها حياتها بينهم بل ما يبكيها مفارقتها وطنها / لو كان البكاء بسبب مفارقتها الحياة لما اتخذت قرار الرحيل اساساً ـ وهي هنا تؤكد ان المرأة العربية رغم غربتها في وطنها وتنكره لحقوقها الانسانية ،الا انها تظل وفية لانتمائها اليه ،ويأتي المقطع الاخير كدعوة للقارئ للتأمل في صنوف البلاء التي تعيشها المرأة في امة ترفض الاقرار بانسانيتها
ـ باسم عبد الكريم الفضلي ـ العراق

0 التعليقات:

إرسال تعليق