الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

فؤاد حسن محمد****صدفة



فؤاد حسن محمد
صدفة
ككل شيء يا محمد ما حصل كان طبيعيا ، هناك دوما حدث نعتبره محض صدفة، أنا لا أقصد شيء فاسد ، عندما كنت هناك آخر مرة ،حدثني عن قصة ، وأنا لحد الآن مازلت أفكر إن كانت هي قصته أم قصتي أنا وأنت .
ليكن ما يكون فنحن السوريون دوما لدينا خيال عاطفي ، لا تبتسم ، ولكن أقول لك :
- سر أسلافكم الدم ...الدم يسيل من لعبة السيف مع اللحم
كان أصله من الساحل ،من عائلة فقيرة ، عيناه زرقاوان كالبحر ، ووالده كان متطوع في الجيش ، عاش في حمص كل أيام حياته، على أية حال لا تهز برأسك يا محمد ، هذه
 ليست ثرثرة ، الطرافة وسرعة البديهة احتفظ بهما لأوقات المزاح ، هذه القصة تخبرك عن النشأة ، عليك أنت أيضا يا محمد كي تفهم ما حدث أن تدخل اللعبة كمبتدأ ، كان ألمه شديد ،فقد عاد إلى البيت مقطوع القدمين ، لا زلت إلى الآن أفكر من شوه من ؟ ، ما إذا كانت هذه القصة يمكن أن تحدث معي ومعك ، أرجوك لا تتحدث معي مجددا عن الدين ...والسماحة ...والرحمة ، تحدث معي عن القتل والإبادة .
-ما لذي تعرفه أنت عن الدين
كان جسده المشوه يضيء مثل شمعة ، لقد كان بإمكانه أن يثيرك يا محمد وهو يتكلم عن المظهر الأنيق ، والجينات المشوهة ، قال لي :
- كان وسيم كأنه قديس .في المدرسة كان يجلس معي على نفس الصف والرحلة ، ويعيش في نفس الشارع ، يلعب معه حتى ساعات متأخرة من الليل، صورنا في السفرات المدرسية تملأ البوم كلانا، كم مرة ومرة التقينا في السوق وشربنا الشاي في المقهى معا وتبادلنا الحديث والنكات .
ستقول لي:
- إنها معضلة حقا أن يغدر ويقدم على قتل صديق الطفولة والمدرسة من دون وجود سبب!!!! .
جوابك يثيرني الذين اكتشفوا المسخرة أغلقوا أفواههم من إهانتك يا محمد ،لا تقل هذا لمن يتحدث عن ما هو معاق ،القصة تعالج كيف يصبح الصديق قاتلا ، لا تبتسم ، الأحرى بك أن تغضب ، فإلى متى ستبقى تقفز بين الأخلاق والسخرية ، وفي بعض الأحيان تتجاوز الحدود ، وتبدو لي أحيانا أنك هو ، فما رأيته أمامي بدا وكأنه سطر انتزع من كتاب تاريخ ،من أول ما كتبه ، أسألك فأجبني يا محمد ؟؟؟ أجبني دون شعورك بالذنب .
أنظر إلى وجهي الذي تعودت أن تنظر إليه ، فالمتدينون الملاعين استطاعوا أن يفسدوا قدرتك على الإحساس بالجمال ،لأنك لم تكن يوما إنتاج نفسك ، أتذكر يا محمد حين ذهبت أنا و أنت إلى معرض تشكيلي، وقفنا أمام لوحة لامرأة عارية ، قلت لك :
- الفن يمنح متذوقه النبل ؟؟؟
قلت لي يومها :
- بل هو لعنة
ابتسمت أما أنا فغضبت ، دون أن أعرف لماذا ،أما الآن فأنا أعرف ، في نظرتك تلك ظهر التاريخ ،فأنت لم تستطع أن تنظر إلى اللوحة لأنها نجس ، والنظر إلى النجس ذنب ،أن مصير ذاك الشاب كان حاضرا في اللوحة يشكل مريع ، لقد خطر ببالي الأن أن أسألك :
- لماذ تستخدم ألفاظا عفا عنها الزمن
لماذا كنت تحدثني عن أشياء غريبة ،تخفي ما تضمره لي بشكل محكم ،كان من الصعب أن أكذبك في ذلك الوقت ،ربما لأنك صبغت وجهك بالبلاهة ، وكما قلت لي في ذاك الوقت :
- فقط لثوان ، سينشغل الناس بالهم إذا لم يعودوا إلى الأسلاف
راودني الشك في نفسي ، شاب في القرن العشرين يراوده الشك في نفسه يا محمد ، فقبلت دعوتك إلى بيتك ، وكأني قبلت أن تبر قدماي ،وكنت تعرف ماذا سيحدث لي ، فقد كنت تسكن في حارة قديمة ، حيث كانت تغطى الأبواب والنوافذ بالشراشف ،في هذه المرة يا محمد لم تكن تسكن لوحدك ،قرعت الجرس فرددت على الفور :
-لحظة من فضلك
اعتقدت أني كنت مدعو لكأس شراب مع مقبلات ، لكني خدعت نفسي ،فبعد أن شربت الشراب ، دفعت الحساب ،توضيح الأمر صعب ، فقد تجاوز حسابك الحد يا محمد.
فؤاد حسن محمد_ جبلة سوريا

0 التعليقات:

إرسال تعليق