الاثنين، 21 ديسمبر 2015

اياد النصيري قراءةاولية بين انتقاء المفردة وجمالية اللغة للشاعرة سهاد عمري


سهاد عمري---بين انتقاء المفردة --وجمالية اللغة
قراءة اولية--في نص الغرفة---
اياد النصيري---
000000000000


وظيفة النقد الأدبي كما ذهب إلى ذلك أكثر من واحد تتلخص في تقويم العمل الأدبي من الناحية الفنية، وبيان قيمته الموضوعية، وقيمه التعبيرية والشعورية، وتعيين مكانه في خط سير الأدب، وتحديد ما أضافه إلى التراث الأدبي في لغته، وفي العالم الأدبي كله،وقياس تأثره بالمحيط وتأثيره فيه، وتصوير سمات صاحبه وخصائصه الشعورية والتعبيرية،وكشف العوامل النفسية التي اشتركت في تكوينه والعوامل الخارجية كذلك.--ومن خلال قراءاتي لما تنشره الاديبة العربية-التونسية -سهاد عمري من نتاجها الادبي في اكثر من محفل ادبي وثقافي-عرفت اخيرا انها طاقة ادبية--شمولية لاحصر لها--فهي تكتب القصيدة النثرية والخاطرة الادبية والومضة الشعرية-- وقد صدر لها ديوان يحمل عنوان--همس الخواطر--اعرف كل شيء عنها وانا لااراها او اقابلها--اعرف عنها من خلال حرفها--وتخيلاتها وهواجسها --يالعظمة الادب وجماله فهو يصنع الجمال ويهذب العلاقات الانسانية- فهي تمتلك من الحكمة والإصرار على أحداث التغير فهي لا تشتهي غير التحدي من أجل أن تصنع حاضرها بالرغم من الرياح ( الظروف) التي حولها لا تستجيب إلى ما تريد من التغير ولكنها تمتلك كل عنفوان التحدي من أجل الوصول إلى الحاضر الذي تريد وهنا هي أزمة انكسار من الماضي وتحدي في الحاضر لأن ما تريده من الحياة موجود في حاضرها بالرغم أن معاناتها في الماضي مستمرة في التأثير عليها . هي بعد هذا تنتقل إلى الحاضر ولماذا تريد أن تعيشه لأنه يمثل حلمها الذي تريد أي أنها استطاعت من التغلب على الماضي بعمق معنى وقيمة الحاضر في حياتها
لقد نقت الشاعرة سهاد عمري مفرداتها بعناية لغوية ... إذ إنّ هذا الانتقاء يفصح عن براءة الشاعرة وقدرتها في التقاط الالفاظ المناسبة للسياق الإبداعي والفكري ومن عدمها ، ويستدل في ابداع شاعر وانتقاء الالفاظ الموحية في الصورة الشعرية التي تتعادل قيمتها الدلالية او المعنوية والنفسية ومن خلال قدرتها ايضا على التكثيف والتركيز والاضاءة ورصد ابعاد التجربة الشعرية فضلا عما ينبغي ان يلحظه الشاعر في انتقائه اللغوي للمفردات من التناسب والتلاؤم بينها وبين طبيعة الصورة الشعرية بما يقيمه بين المفردات من علائق لغوية خاصة تمثل ذوقه وخبرته الجمالية المتفردة على نحو ينقذ الابداع الشعري من براثن المنطق السطحي وإدمان الأستعمال المألوف ويخلق توحدا بين الانفعال والفكر ...
وهنا تتحدد الأسلوبية للشاعر ... والشاعرة 00 سهاد00، الباحرة في المنطق الفلسفي للقصيدة الواحدة
تبنت خيالها ولغتها الخاصّة في جمع رصيد لغوي لابأس به ، وتجربتها الشعرية لأعوام عدّة ..
أعرض إحدى قصائدهابين يدي
وأتمنى للشاعرة الديمومة والتعالي الشعري أكثر وأكثر00000 ..
-دخلت غرفة وحدتي
وأنفاسي تصارع تشنج أشواقي
يحاصرني الحنين بنبض
مثقل بأحاسيس
لا تأخذني إلا لمنفاك
فأكاد أجزم....
أن حمى الشوق
ستهشم جدران الكبرياء0000
هذا النص المشتعل شوقا ولوعة المتكون من [142]كلمة تعطيك الدلالة الواضحة بجمالية اللغة وانتقائها بحذر لتلك المفردات الشفيفة وصياغتها باسلوب نثري متماسك--أن لغة الشعر تصبح لديها رمز للعالم كما تتصورها وقد استطاعت تحويل اللغة من علاقاتها التقليدية الوظيفية إلى قراءات للواقع المفعم بالهواجس المؤثرة بلغة جامحة أو ما تريد أن تصل بالنص وفق ذائقة معاناتها التي تصبح ضمن زمن الشعر وبشكل متنامي وصولا إلى المعنى الكامل لهذا النص. والمعروف عن الشاعرة والاديبة سهاد عمري-- أنها تبرز عاطفتها على سطح النص مع الاحتفاظ بعمق فكري يتحكم بهذا السطح لكي تحافظ على عمق المعنى--0000
من كثرة ضجيج أوجاع صولاتها
فأستلقي على فراش الذكريات
وأغرق في لوحاتك الفنية
وذكرياتك الخالدة أعانق سهاد عمري
وأنشد ليلي في قصيدة
أسكب نثري في كوب الكتابة
التي تشير بدمعها الى أنياب الافتقاد
الذي دنا من وحدتي
وحولها الى مسرح أوجاع عشق
بلا أمل00000
تدخل الأنا العاشقة في علاقة حميمية مع الجرح من خلال الإضافة التي لا يمكن الفصل فيها بين المضاف والمضاف إليه .وبالتالي لا يمكن الفصل بين الأنا والجرح .ومن هنا نتحسس رغبة الشاعرة في التعريف بذاتاه وتملك الجرح والتلذذ به ,إذ أصبح هويتها التي لا يمكن التفريط فيها ,كما تكشف الإضافة عن التفرد الذي يطبع الذات الشاعرة ,وهذا ما يتضح في قولها-000000-
فأشعر بخنق الأشواق لقلمي
فينتصب من شدة الألم بين أناملي
وينزوي بي في شرفة الهمس
ليدخلني غرفة ليست ككل الغرف
لها آلاف النوافذ ولا باب لها
فأغرق مع دمع حبري
والنص عند الشاعرة 0سهاد عمري0 هي رحلة داخليه أتجاه العالم والأخر التي تعيش ضمنه لأنها دائما تاتي برموز من وحي الحياة وأطرها الجمالية ( يحاصرني الحنين-همس الشوق- استلقي- اهات-اسكب نثري-- ) فهي تملك مساحة واسعة من المتخيل الجمالي الذي بيبن الأبعاد الجمالية في الحياة من خلال الأخر , لهذا تكون اللغة لديها بعد إنساني قادر على صناعة جمالية الفكرة التي توضح الأشتراط الإنساني الذي يعيش في وسط قد لا يتطابق كليا مع داخلها الحسي المتركب من صياغة أو أعادة صياغته المرئيات بكل حضورها الوجودي , كي تستوعب لكل الدلالات الإنسانية التي تعطي الى الإنسان الأختيار الأكثر حرية في العيش وفق نسق أختياري الذي يدرك الجمال وفعله في الحياة لأنه في كل نصوصها التي تعمقت بها لا تلقي أفعالها على الأخر التي تريد بل هي من يفعلها ويجيب عليها وفق ردة فعلها وقربها من فعلها التداركي الصوري في جمالية الحياة .
في هذا الحوار الداخلي بالصورة المركبة التي تتجسد في الصراع أو الحس الدرامي الصوفي بينها والأحداث التي حولها وكانت لغتها الشعرية لفظا وتركيبا تأتلف مع المناخ النفسي والاجتماعي والبياني والأسلوبي سعيا إلى تحقيق رؤية أبداعية للصورة الشعرية بكل مستوياتها ودلالاتها حيث أن الرؤية الإبداعية في أي قصيدة يأتلف فيها ذوقان أدبيان أو شعوران هما الذوق الفردي والذوق التاريخي ، والذوق الفردي المعبر عن ذائقة الشاعر وصولا إلى ذائقة المتلقي والذوق التاريخي المعبر عن روح الشاعر وفق أزمانه التي عاشها وهي أن تخاطب بلغة التي تدرك بالصورة والتي جعلتنا أزمة الفردية عند الإنسان والسعي إلى الخلاص من هذه الأزمة أي أن الشاعرة سهاد-- انتقلت من أزمتها الفردية إلى أزمة للإنسان بصورة عامة وهذا هو سر أبداع هذه الشاعرة في خلق أسلوب خاص بها في ذائقة الشعر
ليكون مداد خلجاتي
فحيحها يملأ دفاتر البوح
لتكون جسرا يعبر من خلاله
كل من يتنفس آهات الكتمان
ليشعر بلفحات الثمالة في الهوى
فيكون نديم قدح رذاذي
ويسبح مع همس أحلامي
يصطاد الأمل ويقتنص التفاؤل
وليقرأ من يقرأ
ومن يقرأ فليقرأ
فغيرك لا يليق بي-000000

لقد هيّأت ( الشاعرة سهاد عمري ) أدواتها في تدرجات فعلية متناسقة ذات حمولات تتحول الى خطابية المفردة والتركيب (انفاسي / اشواقي / ليلي / وحدتي/ اناملي / حبري ) انه نشاط يشعرنا بولادة الحياة حيث انها مثلت انبعاثات داخلية متراصة / متناسقة في سلسلة تكاد انها تعطينا مسوغاً في الولوج الى فهم مدلولات المفردة والتركيب التي تميل اليها الشاعرة سهاد عمري / حيث انها تنقلنا الى عالمها .. بكل هدوء .. فلا نجد لديها الا لوحات مرسومة بفنية عالية / فكم من شاعرة استطاعت ان تحول مفرداتها وتراكيبها الى لوحة حكائية ملوّنة في لغة اختلفت نوعا ما عما هو سائد ، اذ انها تسرد لنا ذلك الهوس الباطني--
لقد سارت الشاعرة والاديبة التونسية00سهاد عمري00 بالنص الى نهاية ترسم ملامح القصيدة كعمل فني ذا قيمة واقعية ، فنصها يدخل معترك تشكيل الصورة الفنية ضمن العلم المرئي ، الساكن والمتحرك معا، محافظا على شفافية الرمز ووضوح الدلالة ليتجنب الوقوع في الواقعية الفوتوغرافية، والتجريدية التي تغلي العيانية ، فالاستعانة بلون الامل والهمس والاحلام، وارتباطه باسفل الحلم هنا لايخرج النص من واقعيته، انما يجعله يتخذ الوسطية، لأن الحالة التي يتم رصدها هنا هي خلاصة الزوبعة الروحية الجسدية القائمة في النص ،وتبرز الاناة الداخلية هنا بصورة تصعيد وجداني نفسي بليغ،فتخرج عن المألوف في الوصف والتعبير ، لتستحضر قيمة دلالية صوفية-- ندرك من خلال نصها انها قد استطاعت أن تعرف أين تضع ذاتها وسط تناقضات الظروف التي حولها أي أنها تمتلك الوعي المعرفي بحدود ذاتها وسط المتناقضات التي تحفز الذات إلى التعبير عنها حسب طريقة وعيها وهنا يبرز الاختلاف بين شاعر وأخر أو بين فنان وأخر فبقدر ما تدخل الموهبة هنا بتشكيل نوعية الحافز المعبر عنه أو الطريقة التعبيرية عليه تدخل المعرفة التي تعطي إلى الشاعر أدوات أو قدرة على ملامسة الذات عند لحظة معاناتها أو عند أي حالة تتصاعد عندها كي تعبر عن هذه الحالة وفق ذائقتها التعبيرية في شعر او فن- لذا ابارك جهدها ومعذرة لعدم الخوض بكل كتاباتها ولي قراءة اخرى في نص اخر اجمل00

اياد النصيري
قراءةاولية بين انتقاء المفردة وجمالية اللغة
للشاعرة سهاد عمري00--

0 التعليقات:

إرسال تعليق