باسم عبد الكريم الفضلي /
{ إِعادةُ تأهيلِ الأَمَل / أنخابٌ مقدَّسة }
....................................................... الناقد مهند طالب هاشم
:
{ إِعادةُ تأهيلِ الأَمَل / أنخابٌ مقدَّسة }
اكثرَ
من قوائمَ صفراء
و ثرثراتِِ
بلا اجنحة..
......................../خطوتين الى الأمام..
وراءَ آثار
بساطيلَ مُتهرِّئةِِ
يقومُ المعنى الوحيد
تمتدُّ اليه
نياطُ الرغبةِ المُصادرَة
علَّها
تكتشفُ زاويةً مهجورة
في هذا العالم
.. وتدور
الأرجُلُ المهرولةُ
حولَ ذاتِ الكِذبةِ العذبة
بلا أيَّةِ أصداء..
.. ــ قِفْ..أو.. عادةً.. سِرْ.. ــ
أو كلَّ بهلوانياتِ الأدعاءِ
المضَيَّعِ الجذور
لن تضعَ نقطةً
فوقَ حرفِ الصَّرخة... ــ يساراً....كُفْ.. ــ
خطوتين الى الوراء../....
امامَ جسرِ السَّراب
فراشاتٌ لاتقنصُها
الأسلاكُ الحمراء
فوقَ هاماتِ القلوبِ
المُعلَّقةِ على
خفقاتِ الأبوابِ
القاسيةِ الوعيد..
.... ــ أو عادةً... خُرْ .. ــ
غبارٌ ملعونُ القسمات
يؤطّرُ
جدرانَ الزَّمنِ
المَنسي خلفَ
أسوارِ الأنتظار
العتيق...
فليَدُرْ
دولابُ الحلمِ الكسيحِ
بين رُكامِ الأرقامِ
الصِّفريَّة
.. ــ شرقاً ... دُرْ.. ــ
فلا مهربَ من
احتفالياتِ العُهرِ
المكشوفِ الوَجه
فالـ (أيضاً )
مُقدَّسةُ الخَواء
و.. (لا أدري)
رِ مِّيَّةُ الصَّحوة
وكلُّ شيءِِ
مَجَّان
خلا صَريرَ الأكفان
في مزاداتِ الأوثان
والشّفاه
أدمنَتِ البهتان
... ــ عادةً.. دُرْ .. ــ
و.....
كان ياما كان
قمرُ الزَّمان
يتخطَّفُها الجّان
ويبيعونَها
لخِصيانِ الصّولجان..
..ومالم يكنْ.. فكان
انتشاءُ الجَوعان
بتُخمةِ السُّلطان
على موائدِ
أربابِ الزمان..
...ــ مكانَك.. كُرْ.. ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العنوان حمل في طياته جملتين مختلفتين, وهنا نشعر بعمقية النص وما يحمله من استدلالات كبيرة ذات معان عدة , وهذا ايضا يمنحنا تقدير المحتوى المضموني للعنوان على أساس التشظي الذي سيلي في النص , وقد نجد الجملة الأولى من العنوان { إِعادةُ تأهيلِ الأَمَل } ذات دلالة معرفية اعتمدت أشارة واضحة الى المدلول ( الأمل ) بينما نجد فلسفية العنوان في الجملة الثانية ( أنخابٌ مقدَّسة) وهذا يجعلنا أمام بحث آخر أكثر تساؤلاً من حيث الدلالة (أنخاب ٌ) جمع نخب (مقدسة ) معنى كبير يتجاوز مرحلة التوازن الطبيعي للمعنى , ولا يمكن مقاربة العنوان مقاربة علمية موضوعية إلا بتمثل المقاربة السيميوطيقية التي تتعامل مع العناوين، وذلك باعتبارها علامات وإشارات ورموز وأيقونات واستعارات. ومن ثم، فلابد من دراسة هذه العناوين تحليلا وتأويلا، وذلك من خلال ثلاثة مستويات منهجية سيميوطيقية، ويمكن حصرها في : البنية، والدلالة، والوظيفة , وقد أظهر البحث السيميولوجي، بشكل من الأشكال، أهمية العنوان في دراسة النص الأدبي، وذلك نظرا للوظائف الأساسية المرجعية والإفهامية و التناصية التي تربطه بالنص و بالقارئ ، و لن نبالغ إذا قلنا: إن العنوان يعتبر مفتاحا إجرائيا في التعامل مع النص في بعديه : الدلالي والرمزي، فان أول عتبة يطؤها الباحث السيميولوجي هو استنطاق العنوان، و استقراؤه بصريا ولسانيا، أفقيا و عموديا، ” ولعل القارئ يدرك مقدار الأهمية التي يوليها الباحثون المعاصرون لدراسة العناوين ، خاصة وأنه قد ظهرت بحوث و دراسات لسانية و سيميائية عديدة في الآونة الأخيرة، وذلك بغية دراسة العنوان، و تحليله من نواحيه التركيبية والدلالية والتداولية . وفي هذا العنوان الذي بين يدينا نجد العنوان الداخلي الذي يتفرع عن العنوان الأساس، والعنوان المقطعي الذي يميز بين المقاطع والفقرات والمتواليات النصية، بل قد نجد كذلك ضمن النص الشعري ما يسمى يسمى بالعنوان الشذري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تكنِ المُسمَّيات
اكثرَ
من قوائمَ صفراء
و ثرثراتِِ
بلا اجنحة..
......................../خطوتين الى الأمام..
وراءَ آثار
بساطيلَ مُتهرِّئةِِ
يقومُ المعنى الوحيد
تمتدُّ اليه
نياطُ الرغبةِ المُصادرَة
علَّها
تكتشفُ زاويةً مهجورة
في هذا العالم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل أن ندخل في تفاصيل النص هناك (البياض) الفراغ الذي نجده في النص سنتاوله مع ما يجيده الشاعر وما يقصده ويتعمده لغاية في نفس يعقوب اخفاها , ونحن ندرك معنى البياض لكن لنجعل المتلقي يفهم ما هو هذا البياض , لدى الشاعر مساحاته بيضاء التي تتخلل المقاطع والجمل وتغزو السطور و"جغرافيتها". غير ان هذا البياض الذي يصدم في أحيان عين القارئ لا مخيلته لا يعني الانقطاع أو "التوقف" بحسب ما يعبّر النحويون العرب مثلاً بل هو استمرار للقول الشعري ولتدفق اللغة الصامتة أصلاً والمكثفة والمختزلة دائماً. البياض هنا يجسد احوال الريب أو الشك التي تختزنها الكلمات في زمن تفتّت اللغة وتفككها وفقدها سماتها أو اشاراتها ليس البياض هنا الا تجسيداً مادياً وملموساً أو فيزيقياً للفراغ ذاك الركن الصامت الذي تقوم عليه العبارة ان البياض لا تكتمل الا عبر تجلّيها في فضاء النص الذي هو فضاء الكلام فـ"مادة الفراغ" تستدعي مادة العالم. يصبح البياض فراغا ينعكس عليه ما يُقال وما لا يُقال. انها "الصفحة البيضاء الكبيرة التي تخفق في المعنى الظاهر , أن النص الفلسفي فهو نص لغوي وهو أيضا نص مكتوب وليس ملفوظا أما حاجة النص الفلسفي للكتابة فهي ذاتها حاجة الرياضيات للرموز والدوال وكل نص بالجملة سواء أكان شعريا أو فلسفيا أو علميا أو إعلاميا فإن له قواعد وشروط إنتاج وغني عن القول إن تلك القواعد والشروط ليست راسخة أو ثابتة بل تقبل التغير من حين لحين على أن هناك بالمقابل سمات لا تتغير في تحديد ماهية النص. فمثلا: النص الفلسفي يقوم على فكرة البرهان. بمعنى أن أي فكرة يطرحها الشاعر لن يكون لها قيمة بين الفلاسفة ما لم يتم البرهان على صحتها وعلى طريقة استنتاجها والنص الشعري مثلا يقوم على فكرة المجاز.. لدرجة أنه يكاد يكون مستحيلا وصف نص بأنه شعري وهو مفقتر للمجاز وأنواعه والبرهان الفلسفي مرتبط بالعقل بل إنه يتخذ من مبادئ العقل الأساسية مسلمات ينهض عليها ومن أشهر مبادئ العقل عدم التناقض والعلية والعلاقة والهوية.. ورغم اختلاف الفلاسفة حول شرح وتسويغ تلك المبادئ إلا أنهم يتفقون عليها جملة.
اكثرَ
من قوائمَ صفراء
و ثرثراتِِ
بلا اجنحة..
يقثول نيتشه : أنا أتشظَّى في التجلِّي لأشكِّل وجودي الأبدي...يتجلى لنا في هذه المقطوعة ( لم تكن المسميات اكثر من قوائم صفراء ) معنى فلسفي رمزي يعكس واقعية الموجودات التي هي بمسمياتها , فالشاعر هنا يخص المسميات بالاشياء الموجودة في الحياة اجمالا وليس هنا خصوصية في هذه المسميات ثم يضيف ( وثرثرات بلا اجنحة ) انه يعلم ان كل ما يقيل هنا وهناك ما هو الا كلام ثرثرة لا تعمل شيء ولا تؤثر وهنا يحصل عندنا تقارب ما بين المسميات والثرثرة , كلاهما لا يشكلان فعل , مجرد وجود بلا فعل , أن الايدلوجيا هنا هي الواقع مجموعة الآراء والأفكار والعقائد والفلسفات التي يؤمن بها شعب أو أمّة أو حزب أو جماعة ما , ثم نجد الفراغ (........................./خطوتين الى الأمام..) وكما قلت سابقا مادة الفراغ" تستدعي مادة العالم. يصبح البياض فراغا ينعكس عليه ما يُقال وما لا يُقال. انها "الصفحة البيضاء الكبيرة التي تخفق في المعنى الظاهر يترك لنا الشاعر مساحة فارغة تكفي لربط المعنى المبط فيها مع الجملة التي تلحقها .
بساطيلَ مُتهرِّئةِِ
يقومُ المعنى الوحيد
تمتدُّ اليه
نياطُ الرغبةِ المُصادرَة
علَّها
تكتشفُ زاويةً مهجورة
في هذا العالم
.. وتدور
الأرجُلُ المهرولةُ
حولَ ذاتِ الكِذبةِ العذبة
بلا أيَّةِ أصداء..
.. ــ قِفْ..أو.. عادةً.. سِرْ.. ــ
أو كلَّ بهلوانياتِ الأدعاءِ
المضَيَّعِ الجذور
لن تضعَ نقطةً
فوقَ حرفِ الصَّرخة... ــ يساراً....كُفْ.. ــ
خطوتين الى الوراء../....
امامَ جسرِ السَّراب
فراشاتٌ لاتقنصُها
الأسلاكُ الحمراء
فوقَ هاماتِ القلوبِ
المُعلَّقةِ على
خفقاتِ الأبوابِ
القاسيةِ الوعيد..
.... ــ أو عادةً... خُرْ .. ــ
وراءَ آثار
بساطيلَ مُتهرِّئةِِ
يقومُ المعنى الوحيد
تمتدُّ اليه
نياطُ الرغبةِ المُصادرَة
علَّها
تكتشفُ زاويةً مهجورة
في هذا العالم
.. وتدور
الأرجُلُ المهرولةُ
حولَ ذاتِ الكِذبةِ العذبة
بلا أيَّةِ أصداء..
أو كلَّ بهلوانياتِ الأدعاءِ
المضَيَّعِ الجذور
لن تضعَ نقطةً
فوقَ حرفِ الصَّرخة... ــ يساراً....كُفْ.. ــ
خطوتين الى الوراء../....
يؤطّرُ
جدرانَ الزَّمنِ
المَنسي خلفَ
أسوارِ الأنتظار
العتيق...
فليَدُرْ
دولابُ الحلمِ الكسيحِ
بين رُكامِ الأرقامِ
الصِّفريَّة
.. ــ شرقاً ... دُرْ.. ــ
فلا مهربَ من
احتفالياتِ العُهرِ
المكشوفِ الوَجه
فالـ (أيضاً )
مُقدَّسةُ الخَواء
و.. (لا أدري)
رِ مِّيَّةُ الصَّحوة
وكلُّ شيءِِ
مَجَّان
خلا صَريرَ الأكفان
في مزاداتِ الأوثان
والشّفاه
أدمنَتِ البهتان
... ــ عادةً.. دُرْ .. ــ
كان ياما كان
قمرُ الزَّمان
يتخطَّفُها الجّان
ويبيعونَها
لخِصيانِ الصّولجان..
..ومالم يكنْ.. فكان
انتشاءُ الجَوعان
بتُخمةِ السُّلطان
على موائدِ
أربابِ الزمان..
...ــ مكانَك.. كُرْ.. ــ
خطوتين الى الأمام../
فوقَ حرفِ الصَّرخة... ــ يساراً....كُفْ.. ــ/
.. ــ قِفْ..أو.. عادةً.. سِرْ.. ــ/
.... ــ أو عادةً... خُرْ .. ــ/
.. ــ شرقاً ... دُرْ.. ــ/
... ــ عادةً.. دُرْ .. ــ/
...ــ مكانَك.. كُرْ.. ــ))
نص ذا كثافة وتجسيد ساحر في صياغته , وهذه الأنساق اللغوية التي ترسمها اللغة , تعطينا كما وحجما من المعاني ندرك قيمتها وما وراءها , فالشاعر هنا ذو حبكة ونظرة ثاقبة يرسل من خلال سطوره اشارة استغاثة من هذا الواقع المثير للغثيان الذي يشعره بالسخرية والاحباط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ/ باسم عبد الكريم الفضلي ـ العراق
0 التعليقات:
إرسال تعليق