الأربعاء، 4 يوليو 2018

باسم عبد الكريم العراقي****دراسة موجزة عن نص الاديبة السورية حوليا علي " في الخريف ربما وجدتك.."


دراسة موجزة عن نص الاديبة السورية حوليا علي
" في الخريف ربما وجدتك.."
النص
*****
لم يكن هناك ربيع لأبحث فيه عنك !
عذرا من أزهار الزنبق واللوز
عذرا من عناقيد الجوز
عذرا من من رائحة زهر الليمون
لم أجدك فيهم أبدا
سأبحث عنك في الخريف..
ربما وجدتك في صفرة الأوراق التي بعثرتها ريح أيلول،ثم جمعتها في زوايا الأماكن الضيقة
أو ربما وجدتك فيما بقي من أوراق على شجر الدوالي والدلب والزيزفون
فلا هي خضراء
ولاهي صفراء..
لكنها تقاوم ريح تشرين وثلج كانون
لا تكن شاحبا حين أجدك؛
للخريف أيضا ألق..
ألق الأوراق التي بقيت على الأغصان الرمادية،
تلونها بأخضر وأصفر هادئ أخاذ..
ألق ونضج ولذة ما بقي من ثمرات الجوز واللوز والرمان المنسية على الأغصان
للماء حتى..
للماء حتى مذاق آخر في الخريف؛
ريح شرقية لاسعة حارة؛
وماء يبرده ليل الخريف الطويل ليروي الظمأ
لن أطيل..
فالياسمين برقته يزهر أيضا في الخريف
كن إذن إن وجدتك
برقة الياسمين
وبرودة الماء
ولذة نضج الثمار
وحرارة الريح
لا تخش..
لا تخش أن البراعم تنمو في دفء الربيع؛
أنا دفؤك لتبرعم حتى إن وجدتك في الخريف
جوليا..
.......................
الدراسة
*******
نحن امام ( لوحة ) نصية مرسومة فنياً بتقنية ( تراسل الحواس ) فاشاراتها (الشمِّية ) تثير ( البصرية ) ، و ( الحسية ) تثير الاثنين وبتبادل اثاراتي متداخل يجعل القارئ يعيش ، طيلة مدة قراءته النص ، حالة من النشوة الغامرة وكأنه يتجول في بستان يضحك بألوان الزهور الفواحة بأنغام العطور تغرق ارجاءه بالجمال والبهجة والسلام الروحي ، وهو مكانياً يقابل واقعنا المعتم المجلل برماد الحرائق ، ونحيب الثكالى وصراخ الاطفال الذين تسرق منهم الحروب براءتهم وزقزقات عيونهم .
وسأفصل ادناه مركبات ذلك التراسل الحسي بذكر اشارات كل مثير:
1 ـ اشارات المثير الشمي ( اي مايثير حاسة الشم ) :
ازهار الزنبق واللوز / رائحة زهر الليمون / الياسمين
2 ـ اشارات المثير البصري :
عناقيد الجوز / صُفرة / اوراق على شجر الدوالي ، الدلب ، الزيزفون / خضراء ، صفراء ، شاحباً / ألق / الاغصان الرمادية / ثمرات الجوز واللوز والرمان / البراعم
3 ـ اشارات المثير الحسي الاخر :
ربيع / الخريف / ريح ايلول / ريح تشرين / ثلج كانون / لذة / ريح شرقية / لاسعة / حارة / ليل / ظمأ / دفء
نلاحظ ان الاشارات اعلاه يثير احداها الاخرى فالازهار في ( 1 ) اضافة لعبقها ، فهي تثير حاسة البصر بجمال شكلها والوانها ، كما ان اشارات ( 3 ) ربيع او الخريف لكل منهما انسحاباته على لون اوراق الشجر ( اثارة بصرية ) ، ونوعية ضوع الازهار التي تتفتح فيهما ( اثارة شمية ) كذلك ( الثلج / الليل .. الخ ) فهما مثيران بصريان اضافة لما يثيرانه من احاسيس بالبرودة والوحشة . وهكذا .
اللوحة اذاً ملونة بكل مايثير الحواس وبتداخل محبوك بذكاء لتحقيق حالة ( النشوة ) في روع المتلقي .، لكن اشارات المقطع الاخير:
( أنا دفؤك لتبرعم حتى إن وجدتك في الخريف )
لاسيما ( لتبرعمَ / وهي اشارة فعلية دالة على الحدثية الحالية مع استمراريتها مستقبلا ) و ( الخريف / الذبول وانطفاء الحياة ) ، فالشاعرة قصدت ان دفء حبها لمن احبت ، يمثل شرارة بعث الحياة ( التبرعم ) في الهشيم ( الخريف ) لكي تبقى المحبة اقوى مسبب للوجود واسمى دافع لدام الحياة وتفتح ازهارها بالجمال والبهجة والنشوة ، رغم مايحيطها من عوامل الفناء
/ تحياتي
ـ باسم عبد الكريم العراقي ـ
3 / 7 / 2018

0 التعليقات:

إرسال تعليق