الثلاثاء، 30 يناير 2018

سهاد عمري *** مدمن شاي *


*** مدمن شاي ***
***
اتصلت على محطة الضخ العاطفي
لتستانف نشاط دورة الاشواق
من خلال خل احتل مسالك الروح
وأطلق على نفسه اسم :
"مدمن شاي "
بعد طول رنين على أوتار الحواس
نجح الاتصال
سألت قائلة :
لما كل هذا الانتظار
كدت أفقد صبري وأنا أطرق باب الجوال
رد وقال :
وهو يرتل كلمات توحي بالاعتذار
قال :
أنا مدمن شاي
هل تشربين شايا
قالت:
شاي وضحكت...
احتضنت فنجانها وتبادلت معه القبل
ثم تبسمت وقالت :
وهل جهزت كأس واحدا أم اثنان
قال:
إنه كأس واحد سنشربه معا
فقط افصحي لي بلقاء
عجزت عن الرد...
توقفت رياح الوله في صدرها
لا تدري ما أصابها
إنها حالة شغف يسكنها الحياء...
بها:
برد... ريح... رعد... ومطر
صيف على ربيع مع خريف يعقبهم شتاء
لم تعد تعي ما بها...
ترى هل هي رغبة في الضحك أم في البكاء ؟!
وهما في خضم الصمت العامر بالدفء
قال :
يا طفلتي يا فتاتي هل أنت بكماء
تكلمي...
حدثيني عن حر الحاء ببهاء الباء
قالت في سرها...
ولواعج البرق تكاد تسرق بصر قلبها
آه لو كان يدري ما بي....
لو يعرف أن كلمة منه غيرت منهجية معجمي
بكلمة منه تبعثر كياني واختلت موازين أشجاني .
ـــ حبست أنفاسها بداخلها وهي تحاول لملمة قوتها
لتطفو على سطح ضعفها...
حتى لا تستسلم لشظايا سحره
تحت تأثير مخدر صوته القادم من بعيد ...
فقد انبلجت بداخلها طاقة مشاعر قادرة بأن تفتك بشاعر
خوفا من فالق الحب و النوى
لم تنس انها ليست له...
خوفا من نفسها تبرأت من نفسها...
خوفا من ضعفها تنكرت لكأسها...
بقيت بقبو صمتها وقوقعة شغفها...
خوفا عليه من جوع النساء لم تستسلم لمعاني الداء...
خوفا من استنشاق المعاصي أعفت فنجانها من قبضة حنانها...
خوفا منها هربت من غابات الحديت لشنادل الجمل...
سلكت طريق عباراتها عبر عبارات لسانها...
وهي تدرك تمام الإدراك ...
إنها وقعت في شراك أنوثتها...
عاندت نفسها وعاندت معاندها وهي تعاند عناد كبريائها...
تصنعت الغباء وتظاهرت بالبرود وخوف الجفاء يجلدها...
إنها على وشك الموت شوقا لأحضان همساته...
فقد غرقت فيه ولم تعد تقوى على التنفس إلا من خلال هذيانه ....
لقد أصيبت برشح الارتجاف و هي تخفي ضعف مرضها به...
فمن يصاب بالعشق العضال هل له من نجاة ؟
استترت بالصمت...
كل أطرافها كانت كالقصب في مهب الريح...
عظام وجدها نخرتها ريح سكره...
قال :
تكلمي هل اتصلت لتقتليني بصمتك ؟
لم تجد أي تفاصيل للحديث الذي رتبته
في مجمع وحدتها التي لا تخلو منه
ضاعت كل الكلمات التي نظمتها
لم تجيد قول شيء!...
لم تجد غير تسارع النبض في سباق الدقات
ولكي تتجاذب معه الحديث تكلمت كلاما سخيفا
قالت:
هل تحب الشاي كثيرا
قال :
امممممم كثيرا وأنت
قالت:
أنا أحب اثنين
قال :
ماذا قلت ؟!
قالت :
الشاي والقهوة
ضحك...
علا صوت قهقهته حتى فاق صومعة أذنها
تربع صوته بمعالم القلب
أصبح هو مؤذن الفؤاد
قال :
يا دكتاتورية كم أنت طاغية
قالت في مزاح :
من؟... أنا دكتاتورية وطاغية ؟!
الحمدلله لأني هكذا...
قال :
نعم أنت هكذا وأكثر...
فقد أنسيتني الشاي مع أن حبي للشاي لا يوصف
واصل ضحكه وهو يقول :
لقد برد أنظري...
هل ترين؟!... هل تشربين؟!... هل تشعرين؟!...
قالت:
في دلال الشعور...
إذن أنت تحبني أكثر من حبك للشاي
لقد نسيته بسببي...
قال :
ولما أحبك...
هل أنت تحبينني كي أبادلك الشعور
فالحب معادلة ...
الحب أن تفعل ما لا تحب من أجل من تحب
على الأقل الشاي لا يفارقني
كلما أردته وجدته...
حتى لو كان باردا يظل لذيذا
وهو يحدثها عن الشاي
سرحت مع شايه...ــــــــــــــــــــــــ........
كيف له بالبرودة وأنا منقوعه وأرض موقعه ؟!...
ترى هل للشاي أن يتظاهر بالبرودة مثلي؟
أنه كادح كدحا...
نار الأشواق تصليه وهو يختبيء بكأس الصمت
ـــ أفاقت من صوم صمتها على أذان صوته
وهو يقول:
يا ثولة عدت للصمت أم أنك مشغولة
هو لا يعرف...
بأنه حتى في الصمت هو من يسكنها
وإن كانت مشغولة هو من يشغلها
بقيت تحاول أن تستوعب كلمة " ثولة "
لأنها لم تمر على قاموس مسمعها من قبل
قاطعت حديثه قائلة :
نعم يا ثول
ضحك وقال :
لا تناديني بثول أنا فقط من أقولها
قالت:
وما محلها من الاعراب
قال :
المعنى الحقيقي لها
أنت مجنونتي التي أنستني الشاي
ـــ اتضح بعد التحري عن أصول ثولة " غبية "
نعم غبية ولا تراه غير المميز في بحور غبائها
فالغباء جميل جدا مع كثير...
والجمال يكمن في المتلقي
لأنه عندما تحب شخصا بكل ما تملك من جوارح
تتمسك به وتتصنع الغباء من أجل الحفاظ عليه
وتبتكر الأسباب لتظل فترة أطول معه
كم هو جميل هذا الغباء...
عندما تدمن الشاي وتعشق القهوة
من أجل شخص شبهك بالسوائل في قانون مشاعره...
شخص يتوجك بملكة على عرش قلبه...
جميل جدا أن تعيش هذا الشعور...
ولو من باب الكذب لمجرد احتياج يمر به هذا الشخص
الشخص الذي شبهك بالشاي وأطلق على نفسه مدمن شاي
أكيد أنه يحبك والأكيد أنه تظاهر مثلك بالبرود والغباء
إلي أن تغيب شمس المغيب في عيون المحادثة...
ـــ وظل الجوال يحب الشاي لدرجة الإدمان
وبقيت هي تعشق مدمن الشاي حد الجنون
وظلت القهوة تحبها بعشق حد الجنون لدرجة الإدمان
أما مدمن الشاي انتقل إلى حقل ثولة غيرها
لها مرايا أخرى في موسم اللقاء
على سبيل اكتمال النصف الثاني...
من باب تدارك المراحل لمعرفة معالم المدن بأحداق المعاني
أما الحب يظل هو الهواء في مراتب الهوى...
ولكل نيته وكل امرء ما نوى...
ويظل للجوال معاني في حياة افتراضي له السر والعلانية
وفي كل خافية تختفي نية والقلب بمن صدق ولمن صفا
.
#سهاد_عمري
سعاد سالم عريبي


0 التعليقات:

إرسال تعليق