مجلة نوارس السهاد/ رذاذ الهمس/

عبرنوارس السهاد الحالمة ببوح القمر ننثرالحروف في بحورالأفكار لنثري سهد الأعمار برذاذ هامس

  • الرئيسية
  • انفاس من الايمان
  • نبضات
  • من هنا وهناك
  • مضيفة
  • هل تعلم
  • حكم وأمثال
  • سهاد الهمس
  • سجالات
  • ومضات

الاثنين، 24 يوليو 2017

فؤاد حسن محمد***لا أريد أن أغادر بيتي

8:00 ص  Unknown  لا يوجد تعليقات


 

Fil d’actualité

فؤاد حسن محمد
لا أريد أن أغادر بيتي
تجلس فاطمة السلما القرفصاء حول نار أوقدتها أمام باب منزلها الواقع غرب بلدة الفوعة ،لا يوجد لديها موقد غاز للطبخ ، أو أي مادة أخرى يمكن حرقها غير الحطب ،هذا الحرمان كان أكثر إذلالا لجسدها النحيل من التنظيمات الإرهابية التي تتمركز هناك على بعد مرمى قذيفة .
يدهشها أنها مازالت ربة بيت ، تدندن وهي تطبخ وتعتني بالأولاد ، وهذا يريحها ،تحب أن تفكر أنها في زمنٍ الإخلاص فيه شيء واجب ، بل كانت بذلك أقرب إلى حماية نفسها من الحزن الكريه بمغادرة القرية .
كان يقف خلفها رجل يرتدي بزة عسكرية مموهة ، يحمل على كتفيه بارودة روسية ، وقد تدلت على ظهره جعبة تحوي ضمادات ومواد لوقف نزيف الدم، وصورة لها ولأولادهما ، لم يقل شيئا فقط كان ينظر إلى أطراف البلدة مراقبا بحذر ، ينظر ويراقب .
بدا لفاطمة أنه يقف يحرس لأجلها وحدها ، بهذا الشعور نحو زوجها التفتت إلى الوراء وابتسمت له ، لقد أحبت فيه طريقة إحساسه كزوج ، ترى كم يساوي من يحول بؤسك إلى نعيم ، تبادلت فاطمة مع زوجها نظرات الرضا ، تنهدت بتشنج رئوي مصطنع لتلفت انتباهه :
-إيه ..ماذا قلت يا حسن ...هل سنترك الفوعة حقاً
- نعم
- ألن نكون موضع شفقة .
تنهد تم قال :
-يبدو أن حظنا سيبقى عاثرا
- الله وحده يعلم ماذا سيحل بنا في الزبداني
-هل تذكرين حين مرضت ...أخذتك إلى الشام ...
وحين شُفيتِ عدت بك إلى الفوعة
- نعم . نسأل الله أن ينزل رحمته علينا .
قالتها وهي تثبت شعرها إلى الوراء .
إعداد الطعام مجهود شاق وهو جزء من عملها اليومي ، الأطفال يلعبون مرحين حول البيت ، يلاحقون الدجاجات بالتناوب ، ويعودون بين الحين والآخر إلى النار للتدفئة ،حيث الحطب الذي يفرقع على النار ، والطعام الذي يغلي على النار تنبعث منه رائحة الدجاج الشهية .
تجمع الأولاد حول الموقد مقرفصين ، غير أن أحد الأولاد الأكبر سنا ظل واقفا ، لكونه يدرك المهمة المناطة بوالده ، كان أشبه بعصفور يقلد نسر ، طلبت منه الأم أن يحضر صحوت وطبق كي توزع عليهم وجبة الأرز بالدجاج التي أعدتها .
نظرت فاطمة إلى زوجها وابتسمت له ، وبدا كأنه يفهم ذلك ، شيء من الشكر أو الاعتراف بأن لديها الكثير لتكون ممتنة له ،هي وهو تشاركا في أول يوم لزواجهما ، وتحب أن تكون حتى نهاية العمر ربة منزل تطبخ وتنظف وتلد وتربي ، وهو لن ينسى لها ذلك ، ويقدر كل جزء من هذا العناء .
نقرت فاطمة بالملعقة على الطنجرة محاولة جذب انتباه زوجها ، ونادته بتودد :
-حسن ... عليك أن تأكل وتنام قليلا فأنت منذ عشرة أيام تحرس حدود القرية .
كانت عيناه تجوبان فضاءً فسيحا ، يبحث عن شيء يتلاشى تدريجيا بعيدا ً عن عينيه ، كان يسترجع في مخيلته صورة بيته الذي كان مريحاً وجميلاً لدرجة أوشك على البكاء ، والآن هو بقايا منزل ظل ماثلا ، بضعة قطع أثاث ، وثمة سقف متهدم بفعل قذيفة ، شيد بصفائح مطعجة من التوتياء تسد الفتحة مكان الهدم ، وما تبق مجرد جدران متصدعة .
رغم قسوة الحصار الذي أمتد من عام إلى عام ، فإن الحياة مستمرة ، جلس حسن قرب زوجنه ، وما كاد يلقي نظرة فاحصة على الطعام ، حتى دوى لفترة وجيزة صوت قذائف عشوائية ،نظرت فاطمة إلى عينيه الرماديتين ، لقد فهم الأمر قال لنفسه " هذا المكان أصبح مكاناً آخراً ، فنحن لسنا في الفوعة ، فلا غناء ولا غذاء ولا مدارس ولا أحلام صغيرة ، نحن هنا في قرية يموت فيها الرجال والنساء لأنهم شيعة ، محزنا جدا أن تموت لأنك شيعي موتا جزئيا أو تاما ".
كاد أن يتلفظ هذه الكلمات لكنه أحجم أمام أولاده ، تلك الأشياء لا يجب لليافعين والأطفال أن يحملوها بداخلهم كيي لا يفعلوها إذا أشعروا أنهم سيفعلونها .
انطلاقا من هذه الفكرة كان يعزي نفسه أنه جندي يدافع عن كل الطوائف ،وسوف يتخلص من هذه الفكرة ويرميها في حاوية القمامة ، فهو مازال يحب رائحة القراّن وما زال يضعه تحت وسادته بعد ذلك يغلق عينيه وينام .
كان حسن معجبا بزوجته على تحمل الأسى ، وكل ما استطاع أن يشاركها به هو الأكل بمتعة يضع لقمات ونهض ،بدت التفاتة وجهه شاحبة كأنه طفل أوشك أن ينزع من حضن أمه ،لم يكن قدرا مكتوبا زواجهما ،بل هي المخلوقة التي تخصه تحديدا اختارها بعناية،أحس برغبة وحنين لانهائي في التوحد معها ،لم يكن ما سيحدث أمرا عاديا ، أن ترحل إلى بلدة بعيدة ، وتسكن بيوتا لا روح فيها ، وتمشي في شوارع لا تعرفها ،تعلق سؤال في خاطره " هناك لا يوجد مكان صالح للموت " .
فجأة تذكر أنه يجب ألا يكون متوترا ، فنادى زوجته بهدوء مصطنع وهو يطيل التطلع إلى شجرة اللوز ::
- فاطمة ..وحدها الفوعة من تبقى فينا ، هنا بيتنا .... الحرب غيرت منه الكثير ... وبقي منه الكثير ، ، ،معالمه لم تعد موجودة فشجرة اللوز التي تدل الزائر إليه يبست ، وبيت جارنا مسح بالأرض ، ورائحة ترابها تفوح منها رائحة البارود ،أشك أنه هذا بيتنا ، تعالي نلقي علية نظرة أخيرة قبل أن نغادر القرية التي لم تبقى قرية
صوت أوجعها من داخلها :
- اسمعني يا حسن كما سمعتك ، ما مر من عمري لم أقول لك كلمة لا ، هل من مكان له اسم نستطيع أن نناديه قريتنا إلا الفوعة .
- لا ..هي أمكنة ليست لنا ، سنعاني فيها من إذلال الناس ،من همسهم ولمزهم ومن عيونهم التي تصمنا بالمهجرين .حتى من شتائمهم ،ليس هذا ما يهمني ،ما يهمني أن يبقى أولادنا على قيد الحياة .
مسح حسن رأسه متحفظا ، كان يقصد بكلامه خيرا ، مشي بتثاقل إلى دالية العنب ، نادى زوجته وأولاده بتودد ، أجمل ما كان يروق له التفيؤ في ظلها ، أسترسل في التفكير ،أو أرسل بصره إلى قعر الذاكرة ، ثمة أشياء كانت تحدث يسمع أصواتها الآن ، رغم أنها لم تلفت انتباهه في حينها ، مسح وجهه براحة كفيه ، أغمضهما ،فتحهما ، تأكد أن رحيلهم مثل رفة الجفن ،لا يدري كم من الوقت سيمر ،أدارت فاطمة عينيها في أديم الأرض ، بدا وجهها حزينا وحياديا ،لا صوت إلا اسم الفوعة يطفو على روحها ،فالرحيل حادثة توقف الزمن عند أشياء لم نكن ننتبه لها لكننا نذكرها .
فؤاد حسن محمد – جبلة - سوريا

مصنفة تحت: مضيفة
إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول هذه المشاركة ‏المشاركة على X ‏المشاركة في Facebook
رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

  • فيس بوك
  • تويتر
  • جوجل
  • اليوتوب
  • خلاصة

مواقيت الصلاة

التاريخ الهجري

Blogger widget

توقيت غرينيش

رذاذ الهمس ~ صدى بوح ~

قد ننتهي و ﻻ تنتهي أحلامنا وأمانينا لأن طموحاتنا كبيرة وأمورنا كثيرة

مجلة إلكترونية

نبوح بخلجاتنا... نتنفس النبض
لنهمس في أذن القلب...
كي ندندن حروف الاحتواء
لتعزف ألحاننا الخالدة
في ذاكرة الزمن
وبذلك ننثر غبار الكلام المعربد
في صدى الصمت المكلل بأشياء من الحياة

بالأمل نحيا

نعيم الحياة في الابتلاء والروعة في صبرنا

فكل شيء امتحان من رب السماء

وأصعب ابتلاء هو ابتلاء المشاعر

وهو أكثر أجرا إن أصبنا وأكثر إثما إن خبنا

فلا ضرورة من أن نجعل

ممن أحببناهم بصدق أعداءنا لأنهم ابتعدوا عنا

ونحن نجهل أو ندرك الظروف التي فرقتنا

فقد تكون لهم أوجاعا أعمق من أوجاعنا

يبتلعونها في صمت وهم يتجرعون زعاف الألم

دون أن نعلم أو ندرك حجم معاناتهم

لأنهم لا يشتكون وهم في قبو الأحزان

يضحكون بدل البكاء

ويحتضرون في وحدة الشعور المكتوم

ويبتسمون دون تأوه في حال نحن نشتكي العذاب

وهم يموتون من أجلنا في الدقيقة ألف مرة

فنأخذهم بجهلنا ويأخذوننا بقسوتهم

فتنتحر مشاعرنا بأهداب الظن وكلانا يقتله الوفاء

الحياة لعبة وأفكارنا تعرف بنا وحروفنا تذكرة سفر

رأيت روحي تبكي تسيل من مأقيها الدماء سألت يا كياني لما دمعك حفر في الأشجان سواقي هل تبكين على صديق أو حبيب وأخ قالت لا الكل له في الدنيا عذر فقط أبكاني صدقي في الهوى قلت أ أوجعك الزمان أما أن خلا في الحب خان قالت لا أبكي وجعي في الوفاء لمن رفع الراية البيضاء للظن وتركني في بحور الجفاء فقد أصبح الإخلاص ذلا والنقاء مهانة فقد احتارت مأساتي على اي دفتر أسجل عنوان حياتي على ورقة أمل بيضاء أم على ورقة خيبة سوداء ويظل قلبي نابضا بحب الأحبة حتى وإن جعلوا مشاعري عرجاء

قيتارة الهمس الشخص الصادق الحقيقي لا يتكرر، فمن يشد على كتف احلامك ويحمل امانيك على كاهل سعادته ليشعرك بجمال الحياة أكيد هو هبة القدير

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

Sparkline
نوارس السهاد ربي اجعل ما نمضي إليِه أجمل مما مضى
قصص وعبر قصص أكثر من رائعة لمن لم يقرأها

هدف المجلة ~ نلتقي لنرتقي ~

مرحبا بكم هنا في سماء الرذاذ حيث تراقص الحروف أشياءنا المتراكمة في شرايين البوح تتنفس السجال النابض بابجدية الخلجات نحن هنا نلتقي لنرتقي بافكار ترتجل المعاني لنغذي اﻻرواح بعطر القصيدة وننعش الفؤاد برحيق الخاطرة لنملأ باﻻشجان دواوين الشعر وطيب الومضات ونزين الآهات بعبق اﻻشواق نحن هنا ﻻ للتعارف بل لنعرف بافكارنا النيرة نحن لسنا رواد أدب نحن فرسان أقلام بوح القريحة نحصد سنابل أحاسيسنا لنروح عن عبء المشاعر و نتنفس الوجع فنلوذ بالسلوى المتكحلة باﻻمل نحن هنا نسافر مع روعة الكلمات الراقصة على خشبة السجال في مسرح الرقي
  • الصفحة الرئيسية

سهاد الليل في مناجاة الحبيب

اللهُمَّ إهدينا

يوتيوب/// نوارس القمر

سبحان الله ولله الحمد

التويتر

بيت الحكمة

بيت رذاذ الهمس

صفحة ثقافية رئيسة مجلس الادارة : الكاتبة سهاد عمري
Powered By Blogger
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

التسميات

  • الرئيسية
  • انفاس من الايمان
  • نبضات
  • من هنا و هناك
  • مضيفة
  • هل تعلم
  • حكم و أمثال
  • سهاد الهمس
  • سجالات
    • (أمنيات كهل) (1)
    • انفاس من الايمان (109)
    • حكم وأمثال (47)
    • سجالات (38)
    • سهاد الهمس (203)
    • مضيفة (1555)
    • من هنا وهناك (675)
    • نبضات (212)
    • هل تعلم (54)
    • ومضات، (204)

    الاكثر مشاهدة

      هل تعلم أن الفول ذكر في القرآن الكريم
      هل تعلم أن الفول ذكر في القرآن الكريم ؟؟؟  الفول ذكر في القرآن الكريم وكان من طعام أهل مصر , في كلمة بقلها التي وردت في سورة البقرة ,...
      ساعات الود لحظات....تونس + العراق
      ساعات الود لحظات.... سعيدة بلقائي باخوة الحرف والأدب..... معهم شعرت بقرب أرواحنا وأفكارنا شعرت أني أعرفهم من زمن............ فكان لقاءنا لط...
      نوال أحمد ألناصر***المكان والسرد والواقعية في قصص (هند العميد) نوال أحمد الناصر
      نوال أحمد ألناصر المكان والسرد والواقعية في قصص (هند العميد) نوال أحمد الناصر في قراءة ملخص...
      أيثار عيسى أمير*** الأغتراب والتباس العلاقة في قصة ((الحب الحقيقي--إحتراق
      أيثار عيسى أمير الأغتراب والتباس العلاقة في قصة ((الحب الحقيقي--إحتراق)) للقاصة هند العميد ايثار ع...
      احمد بديوي***هات قلبك
      ‎ احمد بديوي هات قلبك هات قلبك كي أضمه... أقبله وليجتمع شملي فلا أمسي شريد و...
      { إنعتاق....} باسم عبد الكريم الفضلي
      باسم عبد الكريم الفضلي ( نص مفتوح ) ...{ إنعتاق....}... اعلى...أعلى الموجِ المُحنَّطِ ....بين شفتي دجلة هسهساتٌ خابورية حاسراتُ الإ...
      صهوة العناد
      ركبت صهوة العناد والكبرياء  فظنوا أني صعبة المراس وقاسية.  فهم لا يعلمون أن عناد الأنثى عاطفة  وكبرياؤها حياء  وتمنعها طوق...
      أياد حسين جاسم النصيري ***هند العميد—الشكل اللغوي والتعبيري في قصة (سخرية) أياد النصيري
      أياد حسين جاسم النصيري هند العميد—الشكل اللغوي والتعبيري في قصة (سخرية) أياد النصيري ****************...
      أياد حسين جاسم النصيري*** السرد ودرامية المشهد في قصة(الحب الحقيقي—إحتراق)
      أياد حسين جاسم النصيري السرد ودرامية المشهد في قصة(الحب الحقيقي—إحتراق) للقاصة هند العميد أياد ا...
      الشاعرة الدكتورة اسمهان بدير-- --اللغة–والحواس– //// أياد النصيري
      ال شاعرة الدكتورة000 اسمهان بدير-- --اللغة–والحواس– والانا في قصيدة 00عارية كالحلم0000 اياد النصيري-2015 000000000000000000000000000 تتأر...

    أرشيف المدونة الإلكترونية

    • يناير (50)
    • ديسمبر (26)
    • نوفمبر (53)
    • يوليو (23)
    • مايو (70)
    • أبريل (98)
    • مارس (66)
    • فبراير (55)
    • يناير (81)
    • ديسمبر (63)
    • نوفمبر (112)
    • أكتوبر (141)
    • سبتمبر (309)
    • أغسطس (225)
    • يوليو (227)
    • يونيو (177)
    • مايو (153)
    • أبريل (53)
    • مارس (14)
    • فبراير (9)
    • نوفمبر (12)
    • أكتوبر (10)
    • سبتمبر (2)
    • أغسطس (8)
    • يوليو (1)
    • فبراير (99)
    • يناير (117)
    • ديسمبر (111)
    • نوفمبر (111)
    • أكتوبر (50)
    • يوليو (5)
    • يونيو (108)
    • مايو (310)
    • أبريل (143)
    • أبريل (4)
    • فبراير (11)

    من أنا

    Unknown
    عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

    رذاذ الهمس

     
    • بحث هذه المدونة الإلكترونية

    • رذاذ الهمس

      • الصفحة الرئيسية
    • تسميات

      • (أمنيات كهل)
      • انفاس من الايمان
      • حكم وأمثال
      • سجالات
      • سهاد الهمس
      • مضيفة
      • من هنا وهناك
      • نبضات
      • هل تعلم
      • ومضات،
    Copyright © 2012 مجلة نوارس السهاد/ رذاذ الهمس/ | Powered by Blogger
    تصميم : Premium Blogger Themes
    تعريب : قوالبنا للبلوجر