الاثنين، 7 نوفمبر 2016
* قوافي الحواس *
قصة قصيرة بعنوان
* قوافي الحواس *
هذه القصة منسوجة من
وحي الخيال
لكن لها كثيرا من
الحقائق في واقع الحقيقة
بعض هذه الحقائق هي
:
~
مجتمع يحكم من خلال المظاهر كيف له أن يقبل بعلاقة غير
متكافئة
~
في عصر المادة نرضى لأولادنا
أن يتزوجوا من أجنبيات
في عمر أمهاتهم ونرفض ذلك عندما يتعلق الامر بواحدة من أهل البلد
ترى هل أننا نقيم وزنا
للمادة أكثر من المشاعر
* ونحن في القرن الواحد والعشرون*
~ هل سألنا يوما
أنفسنا لماذا نغتاب بعضنا ونتهم بعضنا بعيون الظن ؟؟؟...
~
ترى هل هو الحسد أم أنها الغيرة أم أنه تنقصنا الثقة ؟؟؟...
~
ترى هل بإمكاننا التغلب
على مخاوفنا وضعفنا من خلال الإيمان بأنفسنا؟؟؟....
~
لو اقتنعنا بحياتنا ورضينا بقدرنا هل سنظل نبحر في برك الشك والظنون ؟؟؟...
~
~ ~ بعد قراءتكم
القصة
أرجو أن تجدو الاجوبة المقنعة بينكم وبين أنفسكم
¤ قوافي الحواس ¤
كان طفلا شقيا، يحب
اللعب كثيرا....
_
كان يلعب مع
أطفال الحي بكرة من القماش
في أحدي المراوغات سقط أرضا
أصيبت ركبتاه وكفاه،
فزع عند رؤيته للدم
_
وهو ينظر لجروحه تملكته رغبة البكاء المليئة بالخوف
شعر بيد ناعمة تمسح على رأسه ثم خده....
صوت
رقيق، دافئ حنون....
يقول:
_أنت رجل شجاع والشجاع لا يبكي
أنت قوي
والقوي لا يخاف...
نظر لصاحبة الصوت نسي
ما هو عليه
أو ربما تأثر بقولها واراد أن
يثبت لها أنه شجاع وقوي
_كان ينظر لها بذهول
أول مرة يراها، هي ليست من الحي
لها وجه صبوح وابتسامة
تشفي الجروح ونظرة تنسي العليل سقمه
_عاد لأمه لتضمد له
جراحه
_كانت مشغولة
بالمستأجرة الجديدة بالحارة إنها فاتنة،
ساحرة....
من الوهلة الاولى لوصولها بثت نار الغيرة في
قلوب بعض النساء
قد رأوا في لباسها قلة حياء
_
مع طول الوقت......
أصبحت حدث الحديث ومصدر ازعاج للقلوب
المريضة
لكنه التقى بها في
أكثر من موقف ....
كانت دائما تعامله بنفس الطريقة
كانت رقيقة معه ومع
أطفال الحي الذين أصبحوا شبابا
كانت كل ما رأت أحدهم
حصل معه شيئا موجعا تواسيه بنفس الأسلوب.....
_ "أنت رجل شجاع والشجاع
لا يبكي، أنت قوي والقوي لا يخاف"...
رسخت تلك الكلمات في
ذهنه.....
كل ما أحس بالضعف تذكر كلمات تلك الملاك
كان يسميها ملاك الرحمة......
ذلك الطفل أصبح شابا
والشاب رجلا، تغرب كثيرا بحثا عن لقمة العيش
اضطر للزواج من
اجنبية لتحسين مستوى حياته كما فعل الكثير من أصدقائه
مرت السنون مع وجع
الغربة وألم الفقدان و وحشة الخلان وهو يطوي الأيام
بما فيها من أحلام، عاد إلى
وطنه...
رجع لأحضان الذكريات...
عاد رجل أعمال...
رجع لذلك الطفل الذي لم
يغادره...
عاد وهو يبحث عن تلك الملاك التي حفرت في مخيلته
فقد كانت منقذته في كل
كبوة....
_سأل عنها الجيران...
الكل يصمت، لا يجيب بغير أ لم تجد غيرها تسأل عنه
_رجع لأمه استحلفها
بالله أن تصدقه القول أين ذهبت تلك المرأة
قالت: إنها في السجن.
قال: السجن؟!... وما
جرمها؟!...
قالت: لقد تحرشت برجال
الحي، إنها ....
قال: وهل تحرشت بأبي؟!
قالت :الحق يقال، لا.
قال: هل رايتها تقلل
من أدبها؟!
قالت: الحق يقال، لا.
قال: اللهم اعنها واقهر ظلامها
________________ بينما هي في سجنها
نادتها السجانة: لك
زيارة
قالت: لا أهل لي...
اذن لا زوار لي... لا أريد رؤية أحد.
_ وقد سبق أن أعلمته إدارة السجن و المحامي
الذي وكله لها
أنها ترفض الزيارات من يوم سجنها لكنه أصر على رؤيتها
....
_عادت لها السجانة
قالت
لها: هذه الرسالة لك...
أخذتها وهي تسأل نفسها
من سيرسل لي رسالة؟! ...
_أوشكت على تمزيقها،
لكن تملكتها رغبة في قراءتها
وجدت كلمات الرسالة مألوفة! ! !......
_استغربت ممن
الرسالة؟!...
من يعرفني ليقول لي هذه الكلمات؟؟؟!!!.....
_سألت السجانة من أعطاك
الرسالة؟
قالت: زائر وهو ينتظرك
_وهل هو على ثقة إلى
هذه الدرجة بأني سأقابله؟!
قالت لها: قد أقسم
بأنه لن يغادر إن لم تقابليه
_ تضاعفت رغبتها في معرفة شخصه ملأها الفضول!
قالت: سآتي معك
_عند وصولها رأت وجها
بشوشا وعيونا يملأها الحب
شعرت بألفة لا تعرف سببها....
--
نظر لها رأى
الدهشة في عينيها.
ليوفر عليها كل الكلام
قال لها:
أنت قوية والقوي لا
يضعف، أنت واثقة من نفسك والواثق لا يهزم
أنت أصيلة والأصيل ترغمه الظروف على
الاستسلام
أنت مؤمنة والمؤمن لا يبكي....
~
رقرقت عينيها
بالدمع وقالت:
يا فتى لا تلمني بل لم
شيخوختي قد دنا مني التعب والوهن أثقل كاهل العمر
- بني فرحت من أجلك,
قبل دخولي لهذا القفص المقدر لي
علمت أنك تزوجت ورحلت من وحل الحي.
آسفة يا ولدي
لم أتوقع أن هناك من يذكرني بخير
ببقاعكم المدنسة ببعض الظنون النجسة وبأفكارها
الرجعية.
نظرت إليه بعيون تملأ جفونها دموع المرارة
ثم قالت:
_يا بني لست بغي، الوقت
هو الباغي
لست بائعة هوى، بل الهوى من باعني،
لست بغانية، بل النفوس هي الغانية فقد أصبح الطهر
ضحية العهر....
مأجور يا بني من حفر
له الناس هاوية...
فيا كبدي....
لا سند لي
غير زماني وقد أخذ مني الوالد ومولوده ولم يقدر لي القدر لألد .
لا عائلة ولا عائل فهنت وأهنت
هذا ما جرى لي والله أعلم بحالي وصبري من إبريق
إيماني...
- شعر بمرارتها وتألم لكسر جناحها
عرف أنها
ظمأى لصدر حنون ترتوي من دفئه
من أول لمسة عطف أخرجت ما بداخلها من ألم في قمقم
أوجاعها
قال لها : سيدتي،
مولاتي و يا ملاكي....
القانون لا يسمح لي
بتبنيك لتكوني أمي حتى أبرك
فهل تسمحين لي أن أكون زوجك لأكون طفلك المدلل؟
مسحت
دمعها بعزة نفس و ردت
قائلة: "أ بهذه
الطريقة جئت تسخر مني"
قال: بهذه الطريقة
سأبرك
العمر ليس حاجزا وأنا العاشق الكبير لملاك كان لعمري منير
إن لله حكمة في
أمري وأمرك....
قالت: لكنك متزوج وما
ذنب الاجنبية لتكون ضحية
قال: ها قد قلتها...
أجنبية ولا يوجد غيري و غيرك ضحية
تلاعبت بأفكارها مشاهد كثيرة أرهقت تخمينها
تأملت أمره بنظرات حائرة وأسئلة استوطنت جفون
الصمت
قرأ في عينيها سطور الكلام
أجابها بود و وئام :
- غاليتي، ملهمتي، معبودتي....
منذ نعومة لقائي
بك استعمرت جمجمة القلب وخلفية الذاكرة
وتصدرت الفكر ثقي أنك ملاكي من يوم صدفة
قدرنا الذي قدر لقانا
لم تغادري صفوف أحاسيسي تمنيتك في صحوي
ومنامي.
وافقي لتخرجيني من جمجمة أوهامي المتعلقة بك
لتتحقق أحلامي
فكم نادتك أحاسيسي والأجنبية
بين أحضاني
عاطفتي لم ترقص في خيال المنى إلا معك يا ملاكي
فتكرمي يا مولاتي ولبي
مطلبي لتشفى أحزاني
_
بكل طمأنينة
تنهدت...
وضعت رأسها على كتفه وهي تمسح الدمع من على خدها
احتضنها وشفتاه تقبل جبينها
يداه واحدة تمسح على رأسها والاخرى تضمها لصدره
وهو يقول سآخذك لعالمي لتكوني
نهاية غربتي
سنعيش في عالمنا ولا دخل لنا في ظنون من حولنا
فالعمر جرعة سعادة في جرة
قرار وكل له آماله.
* مهما طال عمر الظنون السيئة، أجنحة الصدق
لها عنوان
* مهما تبجح الكلام تظل الكلمة الطيبة أساس كل البنيان
* الأرواح العامرة بالثقة والإيمان لن تهزمها
النفوس الخسيسة
* ما أجمل أن تتزوج الكلمة الطيبة من صدق
النوايا
* ما أروع أن نحتضن الحقيقة في نقاء السريرة
"
~~~ سهاد عمري ~~~
0 التعليقات:
إرسال تعليق