الخميس، 17 ديسمبر 2015

الصعوب--اللوحة الفنية---والومضة الفلسفية ----اياد النصيري


الصعوب--اللوحة الفنية---والومضة الفلسفية----
-------اياد النصيري
0000000000000

أن التشكيل ممارسة متعددة، تتآلف فيها الفضاءات والتعابير والوجهات. لذا، كانت ازدهار فارس الصعوب تخرج بين الفينة والأخرى من إطار اللوحة، بعد أن تحس في حاجة إلى التحرر من سعة فضائها، لتعانق رحابة الأمكنة العامة والفضاءات اليومية.
ذا الانفتاح ظل مزية من مزايا شخصية الفنانة والاديبة --ازدهار، تراود به نوافذ العالم المشرعة، وتطور من خلاله منظوراً تعددياً للممارسة الفنية، تحفر في جسدها ممرات للمعنى والوجود. بل إن ولعها بالانفتاح هو ما جعلها تشتغل في السنوات الأخيرة على سلسلتين محوريتين في حياتها الفنية، أعني: الأطلسيات، والصحراويات. وهي عبارة عن متواليات من الأعمال التي تترابط في ما يشبه الحركات الموسيقية، تسود في الأولى تلاوين الجدران القديمة-- بالالوان الزاهية--الفيروزية، معبرة عن العمق السادر للمعنى والوجود، وتحاور الثانية في الكتابة بالمعنى الفلسفي والترحال الفضائي، مزاوجتا بذلك بين الماء واللون والزجاج وبين الومضة الفلسفية الصغيرة-
1-- يبقى المكان موحشاً بدونك.وكأنه ليل لا نهار له---
2-لن تجد السلام بالبعد عني .انا مدن السلام والتمني
3-انت وجع مسافر في اكف من الحزن.وجع كوني في اقاصي شريان الوقت.حنين ابدي يرنو ليقترب من ارباب العشق000
وهكذا تكون الفنانة التشكلية والاديبة الصعوب--قد نجحت بامتياز لمتزج الحرف اللامع بريشتها مع لوحاتها المتعددة المواضيع--
وتجربة ازدهار الجديدة تبرز قدرة تقنية خاصة، تجعل الوانها متقاربة وبعيدة عن الصخب،الشيء الذي يبعدها مسافات عن الأفكار المستهلكة والمتداولة، فهي تقدم في الغالب أجواء لونية متداخلة ومضاءة في اماكن متفرقة من اللوحة، ولاتعتمد على التنويع في الألوان الصريحة إلا فيما ندر، ولوحاتها التي اتخذت منحى مختلف، هي تلك التي رسمتها في بداياتها بأساليبها وبألوان مختلفة، متجهتاً إلى البحث عن تركيب وتداخل المساحات، وهي تدخل في لوحاتها الجديدة، في اطار تجربة مغايرة، لما كان مطروحاً في لوحاتها القديمة المرسومة بالزيت وبأقلام التلوين والزجاج ومواد متنوعة--لتمزج الحرف مع اللون--وتصنع لنا مادة ادبية---نستذوقها بعذوبة--000-
1.-بقدرأنا وأنت الغائبان الحاضران.نساوي نقطة في جوف الزمان000
2-وانزلت.عليك محبة مني. لتنام في قلبي قرير العين..--000-
وهكذا تتوالى ومضاتها الفلسفية لتمتزج بلوحاتها الفنية--حيث
بقدرماتتضمن الكتابة الشعرية منذ أوّل وهلة من انغلاق على مستوى النّظر والإبصار، بقدر ما يشدّ المتلقي إلى الغوص في خفاياها والتعمّق في ادق تفاصيل لتدرك مكنوناتها، ممّا يستوجب قراءة ترتكز بالأساس على التّأويل ودراسة عميقة لكل التراكيب التي توظفها الشاعرة --الصعوب--لتبرهن وجهة نظرها، وانفعالها، وحالتها، وشعورها، وهي بذلك تتحول من كاتبة الى كتلة من التفاعلات العاطفية والوجدانية محاولة منها الوصول للمطلق ، لذلك نجد جانب رومنسي وصوفي كبير في اللغة لدى الشاعرة والفنانة التشكيلية هو ليس تلك اللوحة التي ترسم فراشة فحسب، بل الفراشة التي تمتص ضوء الألوان لتزداد لمعان في لغة الشاعرة-----
وتحاول الشاعرة والفنانة -- ازدهار الصعوب-- هنا أن تبني فوق الخراب معبدا للفراشات.. وكل قراءة لنصوصها انما هي توغل واختراق لما وراء السطور ولذات الشاعرة المتشظية بين اللغة والألوان حيث هناك حوار عميق بين اللّوحة وبين ذات الشاعرة الرسامة. واللافت للانتباه هو أنّ الكلمة في الأعمال التصويريّة لشاعرتنا قائمة على إخراج المادة" الشعرية" بنسق تشكيلي إلى المجال الحسي البصري بتقنيات عالية، بغية إظهار تراسيم الجمال وتأكيدها في الفضاء، ومن ثم ترك الافاق مفتوحة امام الخيال لتقوم بإمداد الأشكال بتدفقات لونية معاصرة، تتخطى حدود الزمان والمكان، قائمة على جملة من التراكيب الحاملة في كينونتها للتّناقضات اللوحة، الارض ، الالوان، اللغة، كما أنها لا تخلو من تعبيريّة اللون والدلائل المفعمة بروح الخلق، والإبداع.

0 التعليقات:

إرسال تعليق